إذ المؤاخذة بالخطأ ليست ممتنعة في الحكمة بدليل:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا}[البقرة: ٢٨٦] لم يرد الدنيوي لما مر عندنا ولعدم عموم المجاز عنه فلم يصح تمسك بالأول على عدم فساد الصلاة بالكلام ناسيا والصوم بالإفطار مخطئا وبطلان طلاق المخطئ وبالثاني على اشتراط نية الوضوء وقال البصري بأن لا إجمال في حديث الرفع لأن العرف عين إرادة رفع العقاب كقول السيد لعبده رفعت عنك الخطأ والضمان بإتلاف مال الغير جبر المتلف لا العقاب إذ لا يقصد به الزجر كما في الصبي.
قلنا العرف مشترك إذْ لا نعلم إرادة رفع العقاب في كل موضع فإنه بعد ترتيب الوعد كللى أمر له شروط أو منافيات قد يراد برفع الخطأ الاعتداد في الشروط بما عدمت فيه وفي المنفيات بما وجدت فيه خطأ في ترتب الوعد من غير تعرض لترتب الوعيد أصلا.
تنبيه: من لم يفرق بين المقتضي والمحذوف من أصحابنا كأبي زيد جعل الحكم مقتضى فبنى على أن لا عموم له عندنا لا عند الشافعي رضي الله عنه وفيه التقصي عن تكلف إثبات الاشتراك أو حكمه.
٣ - المسح في حق المقدار مجمل خلافا لغيرنا كمالك والقاضي وابن جني لأن مسح الرأس لغة مسح الكل، والشافعي وعبد الجبار وأبو الحسين البصري للعرف الطارئ على أطرقة للبعض فالمشهور من أن مسح بعض الرأس واجب وكله سنة وبعضهم على أن الواجب مطلقه.
قلنا: ما دخل عليه الباء لا يراد استيعابه عرفا كما مر أما الآلة فلأن المقصود منها مقدار ما يتوسل به وأما غيرها فلأن دخول الباء لتشبيهه بها نحو مسحت يدي بالمنديل والحائط ورأس اليتيم فلا فرق بينهما في ذلك كما ظن وحمله على الصلة خلاف الأصل وبعد انتفاء الكل فليس المراد مطلق البعض بما سلف من الوجوه.
٤ - نحو قوله عليه السلام:"لا صلاة إلا بطهور"، "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب"، "لا نكاح إلا بولي"، "لا صيام لمن لم يبيت"، مما ينفي الفعل والمراد صفته لا إجمال فيه بين نفي الصحة ونفي الكمال خلافا للقاضي.
لنا أنه إن ثبت عرف شرعي في نفي الصحة أو عرف لغوي في نفي الفائدة نحو لا علم إلا ما نفع ولا كلام إلا ما أفاد ولا طاعة إلا لله فلا إجمال وإن انتفيا فالأولى حمله على نفي الصحة إلا لدليل كالإجماع في "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد" ولزوم النسخ في لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب عندنا لأنه كالعدم في عدم الجدوى قكان أقرب المجازين إلى الحقيقة المتعذرة وظاهرا فيه فلا إجمال وهذا ترجيح له أن العرف الشرعي