٣ - ما قيل إن في الأول إيجابا وسلبا بالمنطوق لأن الاستثناء لا يصلح قرينة لارادة السبعة بالعشرة إلا إذا نفي الثلاثة منها ولا حكم في الأخيرين بالنفي أو الإثبات في المستثنى بل مجرد دلالة على مخالفته لحكم الصدر وهي أعم من الحكم عليه بنقيض حكمه فرق بينهما بأن تلك الدلالة في الثاني بمفهوم العلم في العددي لأن العدد كالعلم خاص بمفهومه وبفهوم الوصف في غيره؛ لأن معنى جاءني القوم إلا زيدا جاءني غير زيد منهم، وفي الثالث بإشارة الإخراج قبل الإسناد لكن لا نقتضي الحكم بالنقيض كما في الأول؛ لأن الإخراج هنا قبل الحكم وثمة بعده؛ لأن القرينة سياقية فالثالث أوكد في تلك الدلالة لأن الإشارة طريق اتفاقي واضح.
ثم قيل ميل الشافعي إلى الأول ولذا جعله من النفي إثباتًا ومن الإثبات نفيا وتخصيصًا غير مستقل بطريق المعارضة ويعني بها إثبات حكم مخالف للسابق.
ومشايخنا مالوا إلى الأخيرين ولذا جعلوه تكلما بالباقي بعد الثنيا أي المستثنى إما تعبيرًا عنه بالمجموع أو بالعشرة المقيدة بإخراج الثلاثة وبيانًا مغيرًا لا تخصيصًا فقالوا بالإثبات في المستثنى في كلمة التوحيد بالإشارة على الثالث إذْ لو لم يكن حكم المستثنى خلاف حكم الصدر لما خرج منه لا على الثاني؛ لأن التخصيص بالعلم أو الوصف لا يقتضي النفي عما عداهما عندهم بل بضرورة أن وجود الآلة كان ثابتا في عقولهم وقد نفي غيره.
وبعضهم مالوا في غير العددي إلى الثالث فقالوا بإثبات حكم في المستثنى مخالف للصدر بطريق الإشارة بشهادة العرف وبنوا ذلك على أن المستثنى كالغاية، وفي العددي إلى الثاني حتى قالوا في إن كان في إلا مائة فكذا ولم يملك إلا خمسين لا يحنث لأن معناه إن كان في فوق المائة فلم يشترط وجود المائة وفي ليس له على عشرة إلا ثلاثة لا يلزمه شيء كأنه قال ليس له علي سبعة.
وفيه نظر من وجوه:
١ - أن بيان عدم إرادة الثلاثة يكفي قرينة لإرادة السبعة ولا يلزم إرادة عدم الثلاثة.
٢ - أن دلالة الاستثناء على مخالفة حكم الصدر في الخارج ممنوعة وفي العقل بمعنى أن ليس فيه حكم الصدر مسلمة لكن لا تقتضي حكمًا بخلافه من الإثبات أو النفي لا بالعبارة ولا بالإشارة فإن الأخص لا يلزم الأعم فلا يتم الإشارة المذكورة ولو في كلمة التوحيد، وقوله: إذْ لو لم يكن إلخ لا يفيد الحكم بالنقيض إذ يكفي للخروج عدم الحكم السابق.