للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتضمن نصا ناسخا لكن لا إجماع فيه كما لا نسخ بعده والحق عندنا أن لا تخصيص مع التراخي بل ذلك بنص مجهول التاريخ محمول على المقارنة والمعارضة فإن أمكن العمل بهما وإلا يطلب الترجيح فإذا ترجح الخاص يكون مخصصا.

الثامن: من قال بالمفهوم جوز تخصيص العام به سواء فيه الموافقة والمخالفة وذكروا في مثاله المخالفة ليعرف صحة تخصيص الموافقة بالأولى وهو تخصيص قوله عليه السلام "خلق الماء طهورا" الحديث بمفهوم قوله "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا" قلنا التخصيص بطريق المعارضة ولا يصلح المفهوم لضعفه معارضا المنطوق والجمع بين الدليلين من أحكام المعارضة على أن العام ورد في بئر بضاعة وكان ماؤه جاريا يسقى منه خمسة بساتين وإنما لا يخصص عموم اللفظ بخصوص السبب إذا لم يرد مخصص مثله في القوة وقد ورد هنا حديث المستيقظ والنهي عن البول والاغتسال في الماء الدائم من غير فصل ولئن سلم فحديث القلتين ضعفه أبو داود وقال لا يحضرني من ذكره ومثله دون المرسل فلا يكون حجة عندهم بالأولى ولئن سلم فيحتمل أن يراد إذا بلغ انتقاصا ضعف عن احتماله لا لمعنى يدفعه.

التاسع: فعل الرسول عليه السلام بخلاف العموم كالوصال في الصوم بعد نهي الناس عنه يخصص العموم إن قيل بحجيته فإن لم يثبت وجوب اتباع الأمة ففي حقه فقط وإن ثبت فبدليل خاص لذلك الفعل نسخ لتحريمه وبدليل عام في جميع أفعاله مثل خذوا عني مناسككم أي عباداتكم لا إن كنتم تحبون الله فاتبعوني لأن الأمر لا يقتضى العموم قيل يصير مخصصا بالنهي الأول من حيث هو خاص من وجه وإن لم يكن قطعيا لعمومه من وجه وذلك لأنه مرادا وداخل تحت الإرادة فيلزم على الأمة موجبه لا الاقتداء بالفعل وقيل لا بل يجب العمل بدليل وجوب اتباع فعله وهو المختار وقيل بالتوقف.

لنا أن العام المتأخر ناسخ قالوا تخصيص دليل الاتباع بالنهي الخاص المقدم جمع بين الدليلين قلنا الجمع من أحكام المعارضة ولا معارضة عند العلم بالتاريخ ولئن سلم فالدليل الثاني مجموع دليل التباع مع الفعل وهو أخص.

العاشر: علم الرسول عليه السلام بما فعله المكلف مخالفا للعموم وعدم إنكاره مخصص للفاعل وهذا من جزئيات القسم الثالث من أقسام بيان الضرورة كما سيجيء فلو تبين علة لتقريره الحق به من يوافقه فيها إما قياسا أو بقوله حكمي على الواحد حكمي على الجماعة إذ سكوته عن إنكار غير الجائز لا يجوز لقوله عليه السلام: "الساكت عن الحق شيطان أخرس" وإن لم يتبين فلا يتعدى لا قياسًا لتعذره ولا بالحديث لتخصيصه

<<  <  ج: ص:  >  >>