للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] الآية والنقل إلى الأثقل تعسير قلنا الآية مطلقة لا عامة والسلام للجنس لا للاستغراق ولئن كان فالسياق دليل إرادته في الآخرة كتخفيف الحساب وتكثير الثواب ولئن كان فحاز باعتبار ما يؤل إليه لأن عاقبة التكليف هذان ولئن كان دنيويا وحقيقة فخصوص بما مر من النسخ بالأثقل تخصيصه بأنواع التكاليف الشاقة والباليات في الأبدان والأموال.

الثالثة: بلوغ الناسخ إلى المكلف بعد الرسول شرط لزوم حكمه فبين التبليغين لا يلزم كما قبل التبليغ إلى الرسول خلافا لقوم.

لنا أولا: لزوم اجتماع التحريم والتحليل أن ترك العمل بالأول لحرمته للناسخ ووجوبه لعدم اعتقاد نسخه وكذا إن عمل بالثاني لعكسها.

وثانيا: لو ثبت قبله لثبت قبل تبليغ جبرائيل أيضًا بعد وجوده لاستوائها في وجود الناسخ وعدم علم المكلف به والفرض أنه لا يمنع والتالي باطل اتفاقا لهم أنه حكم محدد لا يعتبر علم المكلف به كما عند بلوغه إلى مكلف واحد.

قلنا الفارق بينهما وهو التمكن من العلم معتبر قطعا وإلا كان تكليف الغافل وهو من ليس له صلاحية اللهم لا من ليس عالما وإلا لم يكن الكفار مكلفين.

الخامس في الناسخ والمنسوخ: وفيه مباحث: الأول الإجماع "لا يصلح ناسخا ولا منسوخا" (١) خلافا لبعض مشايخنا (٢) لأن زمن الإجماع بعد عهد الرسول إذ لا إجماع فيه دون راية وهو منفرد ولا نسخ بغده عليه السلام وسقوط نصيب المؤلفة في زمن أبى بكر رضي الله عنه لسقوط سببه لا بالإجماع وهذا وإن عم صورة فالمراد به أن لا ينسخ الكتاب والسنة به وبالعكس لا الإجماع بالإجماع فذلك يجوز.

والفرق أنه لا ينعقد مخالفا لهما ولو وجد فبنص هو المعارض بخلافه في مصلحة ثم في أخرى، وقيل: لا يجوز مطلقا أما ناسخيته فلأنه إما عن نص فهو الناسخ وإما لا عنه فالأول إما قطعي ولا إجماع على خلاف القاطع لكونه خطأ وإما ظني فقد انتفى بمعارضة الإجماع القاطع فلا ثبوت لحكمه فلا رفع.

وفيه بحث: فإن للإجماع عبرة وإن لم يعرف نصه وأيضًا إذا عرف نصه ربما لم


(١) وهو قول الجمهور، انظر المستصفى للغزالي (١/ ١٢٦)، المحصول لفخر الدين الرازي (١/ ٥٦١)، اللمع لأبي إسحاق الشيرازي (ص/٣٣)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (٢/ ٨١).
(٢) وهو قول بعض المعتزلة، وعيسى بن أبان، انظر الحصول لفخر الدين الرازي (١/ ٥٦١) إحكام الأحكام للآمدي (٣/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>