أما إذا استعملت الحقيقة فإن هجر المجاز أو غلبت فهي أولى اتفافا؛ لأن شأنها اليقين عند عدم القرينة الصارفة وإلا فلا ثقة للغات أصلا، والأصل عدم الحادة وإن غلب عليها تعارفا فكذا عند الإمام في الحقيقة المستعملة أولى من المجاز المتعارف وبالعكس عندهما إذ المتبادر بحسب التعارف.
فعند مشايخ بلخ أرادوا تعارف التعامل وعند مشايخ العراق تعارف التفاهم وقال مشايخ ما وراء النهر: الثاني قوله والأول قولهما ولذا يحنث من حلف لا يأكل لحما بأكل لحم الأدمي أو الخبز ببر عنده لوقوع التفاهم لا عندهما لعدم التعامل.
وقوله: أولى لأن المقصود التفاهم هذا في المبسوط وفي التمر أنه لا يحنث اتفاقا إذ لا تفاهم فيما لا تعامل كأكل النخلة.
بيانه: فيمن حلف لا يأكل الحنطة أو من هذه يقع عنده على عينها لأكلها عادة مقلية ومطبوخة وغيرهما عند الحاجة، وعندهما على مضمونها ولو في عينها ولا يشرب من الفرات فعنده على الكرع لاستعماله فيه كما في الحديث وعندهما على ما ينسب إليه بالمجاورة كالمأخوذ بالأواني لا النهر لانقطاع نسبة التبعية إلا في قوله من ماء الفرات لأنه حقيقة فلا عبرة للنسبة وإنما كان الكرع حقيقته؛ لأن ظاهر ممن يقتضي عدم الواسطة كما بين في:{وَرُوحٌ مِنْهُ}[النساء: ١٧١] وللاستثناءين في قوله تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي}[البقرة: ٢٤٩] الآية إذ معناه إلا قليلا لم يكرعوا، قيل هذه الخلافية ابتدائية فعنده لعَدم الضرورة الصارفة عن الحقيقة وعندهما الرجحان الغالب فإنه كالمتحقق لا لأن المجاز المتعارف حقيقة عرفيةكما ظن إذْ هي عند هجرانها وقيل بنائية على أخرى هي أن خلفية المجاز في التكلم عنده، وفي الحكم عندهما.
تحريرها بعد أن لا خلاف في خلفية المجاز ووجوب تصور الأصل لثبوت اتخلف وأنهما من أوصاف اللفظ وأن التغيير فيه لا في مقصود المتكلم أن خلفيته عنها عنده بأن صار التكلم بلفظ مجازا خلفا عن التكلم به حقيقة ثم يثبت حكمه بالاستبداد لوضعيتهما للفظ وكون التغيمر فيه وعندهما بأن يكون حكم لازم الحقيقة خلفًا عن حكمها مع الصارف عنه لئلا يلغو لأن الحكم هو المقصود فاعتبار اتخلفية فيه أولى ولسان الانتقال عن الشيء يستدعي إمكانه قلنا التجوز لتوسيع الطرق لا لضرورة أداء المقصود والانتقال يستدعى فهمه لا مكانه وذا بأن يصح عمارته كما في أسدًا يرمي والحال ناطقة لغة في أنت طالق مائة إلا تسعمائة وتسعة وتسعين شرعا حيث يقع واحدة بعد أن المهجور شرعا كالمهجور عادة.