للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الشرع لما لم يبق فيه شبهة دارئة للحدود هي الواقعة في نفس المناط لا في طريق دليل ثبوته لاتفاق الفقهاء على صحة إثباتها بأخبار الآحاد وإثبات أسبابها بالبينات وإن صدرت عمن ليس بمعصوم عن الكذب والغلط والنسيان بخلاف القياس فإن مناطه مستنبط بالرأي نظرًا لا لغة حتى اختص بالفقهاء ولذا لا يضاف حكمه إلى النص.

وقال الشافعي رضي الله عنه دلائل حجية القياس لا تفصل.

قلنا أولًا كل منهما عقوبة مقدرة زاجرة وللذنوب ماحية ولا مدخل للعقل في معرفة ما يحصل به إزالة الأثام ومقادير الأجزية والأجرام.

وثانيًا: أن في القياس الشبهة في نفس المناط والحدود مما يندرئ بها وإنما جمعنا بين النكتتين لأن من مشايخنا من رجح معنى العبادة في كفارة الفطر كسائر الكفارات لما تؤدى بما هي عبادة فتعلق بالأولى يناسبه أن الثبوت بالدلالة دون القياس يعم سائرها كما يفهم من عبارة فخر الإِسلام رحمه الله وغيره.

إن قيل فلم يجب هذه على غير المتعمد من المخطئ والمعذور وجوب سائرها عليه أجيب ليقيد نصه الذي لا يحتمل التعليل بالتعمد فاقتصر عليه وشمول نصها ظاهرًا أو نصًا والمشهور منهم ترجيح معنى العقوبة فيها وجعلها كالحدود بخلاف سائرها لتعلقها بالإفطار العمدي الذي هو جناية أبدًا وغيرها ربما يشرع متعلقة بالمندوب كالعود في الظهار أو فيما يجب تحصيله ككلام الأب فيما حلف لا يكلم أباه فتعلقوا بالثانية مع تأتي الأولى لأنها أظهر وأوفق لعدم وجوب هذه على غير المتعمد بخلاف سائر الكفارات ولا ينافيه عموم الفرق إياها بالنكتة الأولى إلا أنه عند التعارض دونهما فإن الثلاثة بعد استوائها في لغوية المعنى يرجح الأولان بدلالة النظم أو الفهم بلا واسطة التعدية كما قال الشافعي رضي الله عنه لما وجب الكفارة بالقتل الخطأ مع قيام العذر فالعمد أولى.

قلنا يشير إلى قوله تعالى {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: ٩٣] إلى عدم وجوبها لأن جهنم كل المذكور في الجزاء أو الجزاء اسم للكَامل ولذا جمع في جزاء الخطأ بينهما والإشارة أقوى.

وحاصله أمران التنبيه بالأدنى على الأعلى أو بالشيء على ما يساويه أما على الأعلى فنوعان قطعي جلي إن اتفق على طريق تعيين مناطه وظني خفي إن اختلف فيه أما القطعي فمن أمثلته ما فهم من حرمة التأفيف حرمة الضرب كما مر وهما معلومان لغة صورة ومعنى فصورة التأفيف التصويت بالشفتين عند الكراهية ومعناها المقصود الأذى المتحقق ق الضرب ومثله ما فهم من قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>