للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حق صحة الفعل لا في حق إقامته مقام الاسم.

وتحقيق مذهبنا أن لا آكل أو إن أكلت لنفي نفس الحقيقة فلا يحتمل إثبات بعض أفرادها للمنافاة الظاهرة فلو نوى مأكولا دون مأكول فقد نوى ما لا يحتمله لفظه بخلاف لا آكل شيئًا ولا آكل أكلا إذ قد يقصد به عدم التعيين لما هو معين عند المتكلم إذا فسره ببيان نيته فقد عين أحد محتملاته.

ونظيره الفرق بين قراءتي {لا رَيْبَ} [البقرة: ٢] بالفتح والرفع على ما علم فيما مر من الفرق الواضح بين نفي الجنس المساوي للفرد المنتشر نصًا وبين الفرد المقيد بالإبهام المحتمل لهما، واستدق الإِمام فخر الدين الرازي هذا النص للإمام الأعظم رحمه الله والفضل ما شهدت به الأعداء فلا يرد أن التأكيد تقوية مدلول الأول من غير زيادة فلا تفاوت بينهما.

للشافعي رحمه الله أن نفي الحقيقة إنما يتحقق بنفي كل مأكول ولذا يحنث بأيها أكل وذلك معنى العموم فوجب قبوله للتخصيص.

قلنا منقوص بتخصيص بعض الأزمنة والأمكنة بالنية حيث لا يجوز اتفاقًا والحل ما مر على أن دليلهم يفيد عموم المعنى والمبحث العموم الذي هو من عوارض الألفاظ ومنهما يعلم أن التزام جواز التخصيص في الجميع فاسد كفساد فرقهم بأن المفعول به من معقولية الفعل فلا يخطر بالبال إلا به فيكون كالمذكور بخلاف غيره وذلك لأن المتعدي قد يراد تعلقه بالمفعول وقد لا بتنزيله منزلة اللازم كما لو عم كلا الاستعمالين في المعاني ونزل في أكثر الفواصل القرآنية فلم يكن من ضرورياته كما في غيره.

ومن حكمه أن يثبت بشرط المقتضى لا شرط نفسه كالبيع الثابت في ضمن الأمر بالإعتاق بألف إلا عند زفر فإنه ينكر الاقتضاء ويشترط أهلية الإعتاق في الأمر لا القبول ولا يثبت فيه خيار العيب والرؤية ويصح في الأبق وذا شأن التابع كإقامة الجندي والغلام والمرأة بنية السلطان والمولى والزوج فليس كالمذكوركما ظنه الشافعى رحمه الله ولذا لو قال المأمور بعته منك بألف وأعتقته يقع عنه لأنه كان مأمورًا بالبيع الضمني وأتى به مقصودًا فكان ابتداء عقد توقف على قبول الأمر فإعتاقه قبله يقع منه وقال أبو يوسف رحمه الله في الأمر به بغير شيء يعتق عن الأمر ويملكه هبة ويسقط القبض كما في البيع الفاسد مثل أن يقول أعتق عبدك عني بألف ورطل خمر وقوله لغيره أطعم عني كفارة يميني لأنه القبول وأنه ركن لما سقط فالشرط أولى وقالا يقع عن المأمور لأن مالية العبد تلفت على ملك المولى في يده غير مقبوضة للطالب ولا محتملة لها لهلاكها بالإتلاف لا حقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>