ومنها قوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ}[البقرة: ١٨٧] إلى جواز إصباح الصائم جنبًا بوجهين:
١ - استغراق الليل بجواز الرفث فإن الحل ليلة الصيام يقتض جوازه في آخر جزء منها.
٢ - امتداد إباحة المباشرة حتى يتبين.
قيل فعد صاحب المنهاج هذه الآية والاقتضاء من المفهوم ليس بجيد لأن الدلالة فيهما على سؤال وحكم للمنطوق.
وأقول إلا أن يريد بعض أقسام الاقتضاء كما مر وغير خاف على المنصف أن الضبط الوافي والميز الشافي لأصحابنا كما سلف في المبادي.
الثالث: في تقسيم المفهوم إن وافق حكم المذكور حكم غيره إثباتًا ونفيًا فالموافقة وإلا فالمخالفة تسمى فحوى الخطاب أو لحنه أي مفهومه كقوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}[الإسراء: ٢٣] في حرمة الضرب وكآخر الزلزلة في المجازاة بالأمرين فيما فوق الذرة ونحو {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}[آل عمران: ٧٥] في تأدية ما دونه و {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}[آل عمران: ٧٥] في عدم تأدية ما فوقه قيل والكل تنبيه بالأدنى أي بالأقلَ مناسبة على الأعلى وقيل: بالعكس فيراد بهما الأصغر والأكبر فلذا كان الحكم في غير المذكور أقوى وإنما يعرف ذلك باعتبار المعنى المقصود من الحكم كالإكرام في منع التأفيف وعدم تضييع الإحسان والإساءة في الجزاء والأمانة وعدمها في القنطار والدينار ولذا قال قوم بأنه قياس جلي وقد مر فساده ثم هذا على تقدير أن يكون مساواة المسكوت عنه بواسطة لا موافقة ولا مخالفة كما قيل أما إذا ألحق بالموافقة كما فعله أصحابنا فلا يشترط الانتقال من الأدنى وهو الحق لأن اشتراك العلة مدار اشتراك الحكم.
قيل إن كان التعليل بالمعنى في الموافقة والسببية للفرع قطعتين فقطعية كما مر وإلا فظنية كقول الشافعي رحمه الله إذا أوجب القتل الخطأ وغير الغموس الكفارة فالعمد والغموس أولى وإنما يتم لو كان المعنى الزاجر أما لو كان التلافي للمضرة فلا إذ ربما لا يقبله العمد والغموس لعظمهما وقد مر ما فيه.
الرابع في أقسام مفهوم المخالفة المسمى دليل الخطاب وشرطه حصره القائلون به بالاستقراء في اللقب، والصفة، والشرط، والغاية، والاستثناء، والبدل، والعدد، وإنما، والحصر، وقران العطف، وليعم أمران:
١ - إن عدها مفهومًا من جهة الحكم لا ينافي عد نحو الصفة والشرط إيماء ومنطوقًا