للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثابتة بالاستقراء القائلة بان كل ما ظن أن لا فائدة للفظ سواه تعين لأن يكون مرادًا ولا بأن للخبر خارجيًا شأنه الإشعار بوقوعه فلا يلزم من عدم الإشعار عدمه والإنشاء لا خارجي له فانتفاء إيجاب الزكاة في المعلوفة مثلا عين انتفاء وجوبها وذلك لأن حاصله أن النص غير متعرض لحكم المسكوت عنه ونحن نقول به ولا فرق فيه بينهما لأن عدم الحكم بالشىء كما هو أعم من حصوله ولا حصوله خارجًا كذلك أعم من الحكم بالعدم فالكلام في أن الإيجاب في السائمة ليس نفيًا للوجوب في المعلوفة لا في انتفاء إيجاب الشيء ليس انتفاء لوجوبه.

ورابعًا لو صح لما جاز تعليق الحكم الواحد بالقيدين المتخالفين معًا كإيجاب الزكاة في السائمة والمعلوفة إما لعدم فائدة القيدين حينئذ وإما التناقض منطوق كل مع مفهوم الآخر.

وخامسًا: لو ثبت لما ظهر خلافه بدليل وإلا لزم التعارض.

ونظر فيهما بأن هذا المفهوم ظني فيترجح المنطوق عليه والتناقض والتعارض في الظواهر جائزان لجواز التأويل بالدليل ودفعه أقوى دليل علمِه وفائدتهما دفع احتمال تخصيصهما وجوابه أن معناهما لو ثبت لزم خلاف الأصل من التناقض والتعارض وإن لم يثبت لم يلزم وما يفضى إلى خلافه مرجوح إلا الدليل فإن أقامه كان معارضة وهي مقررة لا مبطلة ودفع احتمال التخصيص لو كفى فائدة فليكف لأحد التقييدين فقط لمثبتيه أولا أن أبا عبيد القاسم الكوفي أو أبا عبيدة معمر بن المثنى وكل منهما إمام في معرفة اللسان فهم من قوله عليه السلام: "ليّ الواجد يحل عقوبته وعرضه" (١) أي مطل الغنى يحل حبسه ومطالبته أن مطل غير الغنى ليس كذا ولما فسر الشعر في قوله عليه السلام: "لأن يمتلئ بطن الرجل قيحًا خير من أن يمتلئ شعرًا" (٢) بالهجاء أو بهجاء الرسول عليه السلام قال فلم يكن لذكر الامتلاء معنى لاستواء قلته وكثرته فيه فجعل لامتلاء من الشعر في قوة الشعر الكثير.

قال إمام الحرمين المراد مطلق الشعر وبامتلائه الاعتناء بتكثيره بحيث يكون مرغوبًا


(١) أخرجه البخاري معلقًا بغير الجزم (٢/ ٨٤٥) باب لصاحب الحق مقال (١٣)، والبيهقي في الكبرى (٦/ ٥١) ح (١١٠٦١)، والنسائي ق الكبرى (٤/ ٥٩) ح (٦٢٨٨) وابن أبي شيبة في مصنفه (٤/ ٤٨٩) ح (٢٢٤٠٢)، والطبراني في الأوسط (٣/ ٤٦) ح (٢٤٢٨) في مسند المقلين (١/ ٣٧) ح (١٢)، والإمام أحمد في مسنده (٤/ ٣٨٩).
(٢) أخرجه الشاشى في مسنده (١/ ١٧٥) ح (١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>