أن العهد بنحو الكمال غير ملتزم بل يكفي بنفس العلم وإما مستغرقًا فإما للأفراد المقدرة بمعنى كل شخص يقدر فردًا له زيد وفيه المدعي أيضًا وإما للمحققة ولا أقل من فرد غير زيد كعمرو فإذا حكم على كل فرد منه حكم يزيد على عمرو أيضًا.
إن قيل: يحتمل ما صدق عليه مطلقًا من غير تعيين ولا استغراق والمهملة لا تستلزم الكلية.
قلنا يحمل مثله في المقام الخطابي على الاستغراق دفعًا للتحكم كما علم.
قيل فيكون كاذبًا لما عرف أن أحد طرفي القضية متى سوِّرَ بسور الإيجاب الكلي قلنا صدقه خطابي لا برها في على قول البحتري:
ولم أرَ أمثال الرجال تفاوتت ... لدى المجد حتى عد ألف بواحد
ولذا يستفاد الحصر، ولا يرد على ابن الحاجب رحمه الله أنه لازم في زيد العالم بعينه ولا فرق بأن الإخبار عن الأخص بالأعم جائز قطعًا بخلاف العكس لأن ذلك في النكرة لا في نحو الإنسان هو الحيوان ولا بأن المتأخر يصح عاهدًا لزيد السابق قرينة له لأن الخبر العاهد لا بد من كونه مستقلا بالإشارة كالموصولات مع قطع النظر عن المسند إليه ولأن الكلام فيما لا عهد خارجيًا وذلك لأن المسند يقصد به مفهومه فمعناه زيد شيء ثبت له العلم لا جزئياته كلها أو بعضها وإلا كانت منحرفة ولم تتعارف في العلوم بخلاف صورة التقديم فمعناها جميع جزئياته أو بعضها المعهود ذهنًا زيد وفيه الحصر.
يوضحه أن الفرق بين المنكر والمعرف الجنسي أو المعهود الذهني ليس إلا بالإشارة وعدمها فلاتحاد المعنى صح حمله بلا حصر وبه يعلم فساد تمسك بعض المانعين بأنه لو أفاده التقديم لأفاده التأخير لاتحاد مفهومهما كيف ولو صح لورد في عكس كل قضية هذا.
والحق عند مشايخنا أن الحصر فيه إن لزم فمن مجموع الكلام والمقام كالإشارة الحسية واللفظ بمجرده ساكت وتأخير الخبر في ذلك كتقديمه إذ قصد الاستغراق الادعائي لا يجعل القضية منحرفة ولا يتوقف على امتناع قصد المعاني الآخر إذ لا حجر للمتكلم في مثله.
الثاني عشر في مفهوم قرآن العطف وهو نفى الحكم في المعطوف عما نفى عنه في المعطوف عليه فيستدل بقوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة: ٤٣] على عدم وجوب الزكاة على الصبي عدم وجوب الصلاة عليه وقد فعله بعض أصحابنا رحمهم الله وقد مر الكلام عليه.