١ - لو اعتبر في الستة التي تأخر فيها القول أو جهل الحال من التسعة التي وجد فيها دليل التأسي دون التكرار ومن التسعة التي وجد فيها معه دليل التكرار له عليه السلام خاصة تقدم تأسيهم على القول وتأخره زاد اثنا عشر قسمًا على الاثنين والسبعين.
لا يقال اعتبار تقدم تأسيهم في مجهول الحال لما رفع التعارض لم يكن بد من القول به إذ الأصل عدمه سيما في حق الأمة لأن الأصل الآخر وهو عدم تحلل التأسي عارضه فلم نقل به.
٢ - لو اعبتر في الأربعة والثمانين كون التعارض في حقها وفي حق أمته يبلغ مائة وثمانية وستين قسمًا. الخامس في تقسيم الوحى في حقه عليه السلام ولولا طعن الجهلة في حكمه بالاجتهاد لكان الكف عن هذا التقسيم أولى لإيهامه نوع إحاطة بكماله عليه السلام وهو منفرد بكمال لا يعلمه إلا الله تعالى.
فالوحي نوعان ظاهر ثبت بلسان من تيقنه مبلغًا وهو ما أنزل عليه عليه السلام بلسان الروح الأمين عليه السلام كالقرآن أو ثبت عنده بإشارته بلا كلام كما قال عليه السلام إن روح القدس نفث في روعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل رزقها أو تبدى لقلبه يقينًا بإلهام الله تعالى وهو المراد بقوله تعالى {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}[النساء: ١٠٥] والكل مخصوص به بابتلاء درك حقيقته بالتأمل ولا يوجد في غيره من أمته إلا كرامة له كسائركرامات الأولياء إلا أنه منه حجة دون غيره.
وباطن وهو ما ينال باجتهاد الرأي متأملا في حكم المنصوص قاله الأشعرية وأكثر المعتزلة لا يجوز هذا لنطقه عن الوحي بالنص ولاحتمال الاجتهاد الخطأ وحكمه متبع قطعًا وقال مالك والشافعي وعامة أهل الحديث وهو مذهب أبي يوسف من أصحابنا يجوز والأصح انتظار الوحي قدر ما يرجو نزوله ثم العمل بالرأي إلا أن يخاف فوت الغرض في الحادثة والجواز في الحروب وأمور الدنيا متفق عليه.
لنا عموم فاعتبروا والقياس الظاهر على داود وسليمان في قضيتي {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}[الأنبياء: ٧٩] و {لَقَدْ ظَلَمَك}[صّ: ٢٤] وخبر الخثعمية في الحج وخبر عمر رضي الله عنه في قبلة الصائم وخبر أجر إتيان الأهل وخبر حرمة الصدقة على بني هاشم ولأنه أعلم البشر بمعاني النصوص فيلزمه العمل بحسبها وكان يشاورهم في غير الحرب كمفاداة أسارى بدر بالمال والجهاد حق الله تعالى كأحكام الشرع فجواز الرأي فيها كهو فينا وقد