إنكارًا لما يقتضيه صريح العقل إذ هو شأن النظري وإن كان من العلوم المتسقة.
أولًا أنه محتاج إلى توسيط المقدمتين نحو أنه خبر جماعة كذا عن محسوس وكل ما هو كذلك ليس بكذب بل وإلى ما ليس بكذب صدق.
قلنا لا نعلم الاحتياج بل المعلوم بالوجدان عدمه وإمكان الترتيب لا يستدعي الاحتياج كما في كل قضية قياسها معها وليس هذا دعوى أنه منها كما ظن إذ لا يجب ملاحظة القياس فيه بالوجدان بخلافها.
وثانيًا: أنه لو كان ضروريًا لعلم ضروريته بالضرورة لأن العلم بالعلم وبكيفيته لازم بين بالمعنى الأعم.
قلنا لا أن العلم بكيفية العلم لازم بين إذْ لا يلزم من الشعور بالشيء الشعور بصفته ولئن سلم فلا نعلم أن لازم الضروري ضروري لاحتياجه إلى توسيط الملزوم أما المعارضة بأنه لو كان نظريًا لعلم نظريته بالضرورة ففاسد لأن مثل الشبهة عدم احتياج الملزوم إلى الواسطة.
وللغزالي أنه لو كان نظريًا لم يضطر إليه لأن النظري مقدور ولو كان ضروريًا لم يجتج إلى توسيط المقدمتين.
فقد علم جوابه وأن لا نزاع له في الحقيقة ولا يخفى فساد التوقف لأنه للعجز عن إفساد أحد الدليلين.
الثالث: في شروط التواتر أما صحيحها فثلاثة كلها في المخبرين.
١ - تعددهم إلى أن يمتنع تواطؤهم على الكذب عادة.
٢ - إسنادهم إلى الحس بخلاف حدوث العالم.
٣ - استواء الطرفين والواسطة في حد التواتر وأما فاسدها فمنه علم كل واحد وإلا لاستند إلى الظن ومنه أن لا يحصى عدد المتواترين وإلا لاحتمل التواطؤ ومنه عدالتهم إذ الكفر والفسق مظنة الكذب والجزاف ومنه تباين أماكنهم لأنه أدفع للتواطؤ.
ومنه اختلاف النسب والدين ومنه وجود المعصوم فيهم عند الشيعة وإلا لم يمتنع الكذب ومنه وجود أهل الذلة عند اليهود إذ لخوفهم يمتنع تواطؤهم عادة بخلاف أهل العزة والكل فاسد لحصول العلم الضروري وإن كان البعض مقلدًا أو ظانًا أو مجازفًا وعند انحصارهم واجتماعهم كإخبار الحجيج عن واقعة صدتهم وعند كفرهم ولو في باب السنة هو الصحيح كأهل قسطنطينة عن موت ملكهم.
وللضابط في العلم بحصول شرائطه حصول العلم بصدقه عادة ولا يشترط سبق العلم