وثالثًا: لوجب القطع بتخطئة المخالف اجتهادًا واللازم بط إجماعًا للموجب عند القرائن الزائدة أنه لو أخبر ملك بموت ولده المشرف عليه مع صراخ وجنازة وخروج مخدرات على حال غير معتادة دون موت مثله نجد العلم بموته من أنفسنا ضرورة.
قلنا التيقن بالقرائن لا بالخبر كالعلم بخجل الخجل ووجل الوجل قيل لولا الخبر لجوزنا موت شخص آخر قلنا فنجوزه مع الخبر أيضًا لأنه من حيث هو لا يقطع ذلك الاحتمال بالأدلة الثلاثة ولذا لم يقع في الشرعيات وبهذا يعلم أن التزام لزوم الاطراد في الخبر المحفوف بالقرائن ودعوى امتناع حصول مثله في نقيضها عادة والتزام لخطئة المخالف قطعًا إن كان للخبر فباطلة أو للقرائن فمسلم فيما هي كافية للعلم به فلا مدخل للخبر وفي غيره مم ولئن سلم أن له مدخلا فإن أريد بإبجابه إيجاب المجموع الذي هو جزؤه فذلك اعتراف بعدم إيجابه وإن أريد إيجابه بشرط الانضمام فلا نعلم أنه الموجب.
وللموجبين مطلقا أولًا أنه يوجب العمل إجماعًا بيننا ولا عمل إلا عن علم لقوله تعالى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِه عِلْمِ}[الإسراء: ٣٦] وحصول الظن لا يكفي لأن اتباع الظن مذموم لقوله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: ٢٨].
قلنا أولًا المتبع هو الإجماع على وجوب العمل بالظواهر وهو قاطع.
وثانيًا أنه مؤول بما المطلوب فيه العلم من أصول الدين لا العمل من أحكام الشرع وقد قيل المراد منع الشهادة إلا بما يتحقق.
وثانيًا: أن صاحب الشرع كامل القدرة ولا ضرورة له في التجاوز عما يوجب اليقين بخلافنا في المعاملات حيث تقبل خبر الواحد وإن لم يفد العلم بلا خلاف قلنا كما هو كامل القدرة كامل الحكمة فلعل له في ذلك حكمة أقلها الابتلاء بالاجتهاد واليسر في اختلاف العباد كما جاء دا اختلاف أمتي رحمة (١) ولمدعط الضرورة ورود الآحاد في أحكام الآخرة كرؤية الله وعذاب القبر فإنا نجد العلم بها وإلا لم يفد شيئًا إذ لا حظ لها إلا العلم وذلك بطريق الكرامة من الله تعالى لمن تيسر له فلا ينافيه عدم اليقين للبعض قلنا لا نعلم أنها توجب العقد بمعنى اليقين بل توجب الظن كما توجب مشاهيرها الطمأنية وأما إن عقد القلب عمل فيكفي فيه حجة فقد نظر فيه بأن سائر الاعتقاديات كذلك
(١) عزاه في المقاصد للبيهقي في المداخل بسند منقطع عن ابن عباس وعزاه للطراني والديلمى وفيه ضعف وعزاه الزركشي وابن حجر في اللآلئ لنصر المقدسي في الحجة مرفوعا وعزاه العراقى لأدم ابن أبي إيأس في كتاب العلم والحكم وغيره، انظركشف الخفاء للعجلوني (١/ ٦٦).