للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراشدون لم يعملوا بهما وهم الأئمة والحدود إليهم حتى حلف عمر حين لحق من فيه بالروم مرتدًا أن لا ينفى أبدًا وقال على رضي الله عنه كفي بالنفي فتنة فعلم أنه كان سياسة ولما امتنع عمر رضي الله عنه عن قسمة سواد العراق بين الغانمين حين فتحه عنوة علم أن قسمة خيبر لم تكن حتمًا فيتخير الإِمام في الأراضي بين الخراج والقسمة اتفاقًا.

ومنه نكاح المتعة كما قال ابن سيرين هم رأوها وهم نهوا عنها أما عمل ابن مسعود بالتطيق وهو إرسال المصلى كفيه مطقة بين الفخذين بعد حديث عمر في أخذ الركب أو وائل بن حجر في الوضع عليها أو أبى حميد الساعدي في الجمع بينهما فلم يوجب جرحًا إذ كان ذلك لأن التطبيق عزيمة لا للإنكار غير أن أحد الثلاثة رخصة إسقاط عندنا وهو مذهب عامة الصحابة ولذا نهى سعد بن أبي وقاص ابنه عنه مستندًا إلى نهى عبد الله ولأن التخيير بينهما في العزيمة نوع تخفيف لاكما نحن فيه.

الثاني طعنهم فيما يحتمله لا يمنعه لأن النادر يحتمل الخفاء كحديث زيد بن خالد الجهني في الوضوء بالقهقهة (١) لأنها نادرة لا سيما في الصحابة وإن لم يعمل به أبو موسى الأشعري وكحديث الخثعمية "حجى عن أبيك واعتمري" وحديث يرخص الحائض بترك طواف الصدر وإن لم يعمل ابن عمر بهما فلم يجوز الحج عن الغير وأوجب إقامتها حتى تطهر.

الثالث: الطعن المبهم عن سائر أئمة الحديث كأن الحديث غير ثابت أو مجروح أو متروك أو رواية غير عدل أو غيره لا يقبل خلافًا للقاضي وجماعة لأن الظاهر العدالة بين المسلمين للعقل والدين لا سيما في القرون الثلاثة ولأن قبوله يبطل السنن ولأنه لا يقبل في الشهادة وهي أضيق ففيها أولى.

الرابع: طعنهم بما لا يصلح جرحًا لا يقبل كطعن أبي حنيفة - رحمه الله - لا سيما من المتعصب بدس ابنه لأخذ كتب أستاذه حماد فإنه آية إتقانه ويجوز لذلك الغرض عند ظن المنع وكالطعن بالتدليس هو لغة كتمان عيب السلعة عن المشترى

واصطلاحًا كتمان انقطاع أو خلل في الإسناد كما في العنعنة فإنها توهم شبهة الإرسال وحقيقته ليست بجرح ومنه قول من عاصر الزهري قال الزهري موهمًا أنه سمع


(١) ضعيف جدًا. أخرجه الدارقطني فما سننه (١/ ١٦٤) والطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٢٨) وأبو نعيم في مسند أبي حنيفة (١/ ٢٢٣)، وأبو بكر الإسماعلي في معجم الشيوخ (٢/ ٥٣٠ - ٥٣١) ح (١٦٧)، وابن الجوزى فما العلل (١/ ٣٧٠ - ٣٧١) ح (٦١٧)، وانظر الدراية في تخريج الهداية (١/ ٣٦)، نصب الراية للزيلعى (١/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>