فاجيب أن الأدلة تقتضي منع تخطئة الكل فيما اتفقوا لأنه المفهوم عرفًا من الاجتماع ولئن سلم فالمحتمل ذلك جمعا بين الأدلة.
والمجوزين مطلقًا تمسكوا أولًا بأن اختلافهم دليل صحة الاجتهاد لا مانع منه.
فأجيب بأنه دليل ما لم يتقرر إجماع كما لو اختلفوا ثم أجمعوا هم ولئن سلم فالممنوع مخالفة ما تتفقوا عليه من الأمر المشترك.
وثانيًا: لو لم يجز لم يقع وقد أحدث ابن سيرين أن للأم ثلث الكل مع الزوج دون الزوجة وعكس تابعي آخر ولم ينكروا وألا ينقل عادة فأجيب لا بأنه ليس بحجة إذ هو تمسك بالإجماع السكوتي بل بأنه كمثله العيوب في أنه لا ترفع مشتركًا متفقا عليه فلذا جاز.
فنقول: المفهوم من أدلة المانعين أن القول الثالث يستلزم إبطال المجمع عليه مطلقًا ومن أدلة المجوزين أنه لا يستلزمه مطلقًا فالتفصيل بأنه إن استلزم منع وإلا فلا غير مقيد بل الشأن في التمييز بين الاستلزام وعدمه على أن التمسك بعدم القائل بالفصل مشهور في المناظرات كما يقال الوجوب في الضمان إن كان ثابتًا يثبت في الحلي قياسًا وإلا يثبت في الحلي أيضًا وإلا لاجتمع العدمان وهو منتف إجماعًا بل الحق هذا التفصيل وهو أن الغرض إما إلزام الخصم فيقبل التمسك ويبطل الثالث مطلقًا وهو محمل المنع المطلق من أصحابنا بدليل تجويزهم الإصابة في إحدى المسألتين المنفصلتين والخطأ في الأخرى.
وأما إظهار الحق فلا يقبل ولا يبطل إلا إذا اشترك القولان في حكم واحد حقيقي شرعي يبطله الثالث.
أما إذا لم يشتركا في قول إذ ما لا يتعرض له لا يسمى قولًا أو اشتراكًا في واحد اعتباري كما لو اعتبر ألحكمان من نحو الخروج والمس حكمًا واححًا أو في واحد ليس بشرعي كالافتراق فيما لم يحكم الشرع بالمنافاة أو شرعي لكن لم يرفعه الثالث كما في القول بوجوب تطهير المخرج والوضوء فلا.
وهذا لأن الخلافين جعلوا عدم قول القرن الأول يحكم قولًا بعدمه لأنهم أقرب إلى زمن النبي عليه السلام وأقوى في وجوه العدالة والضبط وتقاسيم الدلائل ودلالاتها فلو كان لما خرج من أقوالهم دليل لاطلعوا عليه عادة والحق أن المظنة لا ترفع المننة.
ولابد ها هنا من تحقيق الإجماع المركب والإجماع المسمى عدم القائل بالفصل والفرق بينهما فالإجماع المركب الاتفاق في الحكم مع الاختلاف في العلة فكانه تركب من علتين.