للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا قد يناقض وقال الشافعي الأصل التعليل لكن لما سقطت الجملة فيؤخذ من الجملة ولأن التعليل بالمجهول باطل لا بد مما يميز العلة من غيرها لأن بعضها متعد وبعضها قاصر فلو علل بكل وصف لزم التعدية وعدمها وهذا أشبه بمذهبه لأن استصحاب الحال حجة ملزمة عنده فالأصل كاف كذا نقل والمضهور بين أصحابه أن الأصل في الأحكام التعبد دون التعليل.

وعندنا أيضًا لا بد من دليل يميزها كما قال غير أنه عنده الإخالة وعندنا التأثير وستعرفهما ومن دليل قائم على أنه معلول للحال لاحتمال كونه من غير المعلولة كما أن مجرد الاستصحاب ليس ملزمًا بخلاف اقتداء الرسول فإن موجبه وهو كونه إمامًا صادقًا قائمًا في كل فعل وبعد خصوص البعض المورث للاحتمال في العلم يبقى الباقي بدليله كالنص العام والاحتمال هنا في نفس الحجة لأن النصوص نوعان تعبدى ابتلينا فيه بانقياد ظاهره والوقف ومعلول ابتلينا فيه بالعمل بمعناه أيضًا بعد إلاستنباط مثاله حرمة الفضل في النقدين معلولة لا بقاصرة كالثمنية كما عند الشافعي بل بمتعدية هى الوزن والجنس لتضمن يدًا بيد حكم التعين في البدلين احترازًا عن ربا النسيئة كما وجب المماثلة احترازًا عن حقيقته لأن تعيين أحد البدلين لما شرط في مطلق البيع احترازًا عن الكالئ بالكالئ شرط تعيين كليهما في الصرف احترازا عن شبهة الفضل فإن العين خير من الدين ولذا لم يصح أداء زكاة العين من الدين ولم يحنث في إن كان له مال وليس له إلا الديون.

وهذا متعد عنه عنده لشرط التقابض في المجلس في بيع الطعام بالطعام اتحد الجنس أو اختلف وإجماعًا لبطلان بيع بر عين بشعير غير عين حالا وإن كان موصوفا ولوجوب تعيين رأس مال السلم ولقوله عليه السلام إنما الربا في النسيئة.

لا يقال وجوب التعيين في هذه المواضع بالحديث أو الإجماع بالتبدى لأنا نقول ثبوت الحكم على وفق الوصف دليل التأثير كما سيجىء وهو يقتضي المعلولية ويتقدم على التعليل لأنه شرطه فلا بد أن يثبت لا به ولا نعنى بالتعدى هنا إلا التأثير.

وعلم من هذا التعدى في التعيين أنه معلول ولا يمنعه الثمنية فكذا يصح تعليلنا القدر والجنس في حق وجوب المماثلة لأنه مثله في أنه للاحتراز عن الربا بل ربا الفضل أقوى من ربا النسئة لأن الحقيقة أولى بالثبوت من الشبهة وهذا بخلاف تعليل الشافعي رضي الله عنه تحريم الخمر بالإسكار فإن النص يوجب تحريمها بعينها والتعليل ينافيه وليس حرمة سائر المنكرات ونجاستها من باب التعدى ولذا لم يثبتا كما يثبتا في الخمر حتى يكفر مستحل الخمر دونها وغلظ نجاسة الخمر وخففت ولم يجز بيع الخمر إجماعًا وجاز بيعها

<<  <  ج: ص:  >  >>