للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يقال التعليل بالأثر ليس قياسًا لعدم الأصل لأن الأصل في مثله مجمع عليه متروك لوضوحه كما أن أصل إيداع الصبي إباحة الطعام لأحد.

وقيل بيان علة شرعية للحكم مثل قوله عليه السلام "أنها من الطوافين" (١) ويسمى استدلالا كالتعليل بالعلة القاصرة عند الشافعي رحمه الله ليس قياسًا، والحق أن يعد قياسًا مسكوتًا عن أصله إذ لا مزيد على الأدلة الأربعة في الحقيقة كما سيتحقق.

وأما الفاسدة فمنها كونه شبهًا والشبه وصف اعتبره الشرع في بعض الأحكام ولم يعلم مناسبته وهو بين المناسب والطردي لأن الوصف إن علم مناسبته فمناسب وإن لم يعلم فإن التفت الشارع إليه فشبه وإلا فطردي فيشبه المناسب من حيث الثقات الشارع والطردي من حيث عدم العلم بالمناسبة وعليه تثبت بالإجماع والنص والسير لا بتخريج المناط لأن علم بالمناسبة.

مثاله قولهم إزالة الخبث طهارة تراد للقربة فيتعين الماء لها كطهارة الحدث إذ المناسبة بين كونها طهارة تراد لها وبين تعين الماء غير ظاهرة لكن إذا تعين وصف من بين أوصاف المنصوص لالتفات الشارع إليه دون غيره يتوهم أنه مناسب فقد اجتمع فيها كونها قلعًا له وطهارة تراد للقربة والشارع اعتبر الثاني في تعين الماء كما في الصلاة والطواف ومس المصحف اعتبارًا في الجملة أي إذا كانت الطهارة عن الحدث.

قلنا: التعليل به إما للقصر وقد مر بطلانه وإما للتعدية كما هو الظاهر من المثال ولا يصح لأن الوارد على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس ولا نعني بذلك إلا ما لا يدرك مناسبته لا أن العقل ينفيه بإدراك من حجج الله تعالى ولا تناقض فيها ومنه يعلم حال الطردي بالأولى.

تنبيه: قد يطلق الشبه على الأشبه من وصفين يردد باجتماعها الفرع بين أصلين كالنفسية والمالية في العبد المقتول المتردد بهما بين الحر والفرس وهو بالحر أشبه وحاصله


(١) أخرجه ابن الجارود في المنتفى (١/ ٢٦) ح (٦٠)، وابن خزيمة في صحيحه (١/ ٥٥) ح (١٠٤) وابن حيان لق صحيحه (٤/ ١١٤ - ١١٥) ح (١٢٩٩)، الحاكم في مستدركه على مسلم (١/ ٢٦٣) ح (٥٦٧) والترمذي (١/ ١٥٣ - ١٥٤) ح (٩٢)، والدارمى (١/ ٢٠٣) ح (٧٣٦) والبيهقي في الكبرى (١/ ٢٤٥) ح (١٠٩٢)، والدارقطنى (١/ ٧٠) والإمام الشافعي في مسنده (١/ ٩) وأبو داود (١/ ١٩) ح (٧٥)، والنسائي في الكبرى (١/ ٧٦) ح (٦٣)، وابن ماجه (١/ ١٣١) ح (٣٦٧) والامام مالك في موطئه (١/ ٢٢) ح (٤٢)، والطحاوي في شرح معانى الآثار (١٩١) والإمام أحمد في مسنده (٥/ ٢٩٦) ح (٢٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>