للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعض مشايخنا رحمهم الله منهم فخر الإِسلام رحمه الله ومن تبعه لا يرد على العلل المؤثرة لأن التأثير إنما يثبت بنص أو إجماع ولا يتصور المناقضة فيه وقد مر أن الحق وروده لأن دليل التأثير قد يكون ظنيًا.

وجوابه بمنع كل منهما غير أن مشايخنا جعلوا كل منع قسمين فمنع الوصف إما بمنع وجوده أو منع معناه المؤثر ومنع عدم الحكم إما ببيان وجود عينه أو وجود غرضه وهو التسوية بين الأصل والفرع فالأول ويسمى الدفع بالوصف كما أن خروج النجاسة من بدن الإنسان الحس علة للانتقاض فإذا نوقض بالقليل دمنع أنه خارج ببلاد من تحت الجلدة الزائلة ولذا يجب الغسل ولو كان كثيرًا بخلاف السبيلين إذ الظهور ثمة دليل الانتقال وكما أن ملك بدل المغصوب يوجب ملكه لئلا يجتمعا في ملك واحد فإذا نوقض بالمدبر لمنع ملك بدله فإنه بدل اليد الفائتة لا المغصوب وكما أن كون مسح الرأس مسحًا علة لعدم سنية تثليثه كمسح الخف فإذا نوقض بالاستنجاء يمنع أنه مستحيل إزالة النجاسة ولذا لم يكن حين لم يتلطخ منه كما بالريح وكان غسله أفضل لا مكروهًا والمراد بعدم سنيته كراهته فيكون حكمًا شرعيًا والثاني يسمى الدفع بمعنى الوصف أقوى لأن المعنى أولى بالاعتبار من الصورة لكن الأول أظهر منه.

ويعنى به معنى آخر لازم للوصف به التأثير ولأجله صار علة كما في مسألة المسح بدفع للنقض بالاستنجاء بأن معنى المسح وهو كونه تطهيرًا حكميًا غير معقول وهو المؤثر في عدم سنية التثليث لأنه لتوكيد التطهير المعقول غير متحقق في الاستنجاء لكونه تظهيرًا معقولا أما تمثيله بمثله خروج النجاسة باعتبار أن تأثير السائل في الانتقاض لإيجابه غسل الموضع بخلاف غير السائل قائمًا يصح عندنا بتنزيله في السائل المتجاوز قدر الدرهم والتمثيل بمجرد الفرض كاف.

فببعض التقادير أولى أو تقول إيجاب غسل القليل أيضًا ثابت وإن لم يفسده الصلاة حتى قيل يقطع صلاته لغسله ويفوت الجماعة لذلك إن لم يفت الوقت فيهما.

والثالث ويسمى الدفع بالحكم وذلك عند من لم يجوز تخصيص العلة أن يقال الحكم متحقق لكن خلفه شيء آخر كما لو نقض علل وجوب الوضوء كالقيام إلى الصلاة بعد التبول مثلا بصور تعين التيمم والخلافة ليست رافعة بل مقررة.

وعند من جوزه أن يقال الحكم متحقق لكن لم يظهر لمانع كمتخلف خروج النجاسة عن الانتقاض في المستحاضة لدفع الحرج وملك بدل المغصوب عن ملك المبدل في المدبر لعدم قبوله ومنه أن حل الإتلاف لإحياء المهجة لا ينافى العصمة فيوجب الضمان

<<  <  ج: ص:  >  >>