أن كون العبد محفوفًا بنعم لا تحصى كما في الآية اقتضى استغراقه في العبادة التي هى الذكر بلا نسيان والطاعة بلا عصيان والشكر بلا كفران فأقام الله تعالى الأوقات التي شرفها مقامه.
ثم الزكاة سببها ملك النصاب النامي حقيقة أو تقديرًا بالحولان للإضافة والتضاعف بتضاعفه ومنه تكررها بتكرر الحول لأن تجدد النماء تجدد المال الناس وسبب الفطرة رأس مال يمونه أي يتحمل نفقته بخلاف الابن الصغير الغني إلا عند محمَّد رحمه الله ويلى عليه أي ينفذ عليه قوله ساء أوابي كما في التزويج والاجارة وغيرهما.
قال أبو اليسر وعند الشافعي رأس يمونه فقط فعلى الزوج صدقة الزوجة وعلى الأب صدقة الابن الزمن البالغ خلافًا لنا وقيل سببها الوقت عنده للإضافة.
قلنا الصدقة مؤنة شرعية أصلية فيتعلق بكونه مالك رأسه ووليه لأن الأصل في باب وجوب المؤن رأس بلى عليه كما في العبيد والبهائم وذلك لأنه يعمل من خبرى عن فإن عن الانتزاعية هنا داخلة إما على السبب أو على محل يكون الوجوب عليه ثم سرى عنه إلى الولي والمولى سراية الدية من القاتل إلى العاقلة.
والثاني مح لأن العبد لا مال له لتجب عليه.
والكافر ليس أهلا للقربة والفقير إذ ليس على الخراب خراج فتعين الأول والوقت شرط أضيف إليه مجازًا بأدنى ملابسة أي بلا سببية كحجة الإِسلام وصلاة السفر وتضاعفه بتضاعف الرأس حقيقي وبتضاعف الوقت مجازى لا بالعكس لوصف المونة فإنها سبب بقاء الرأس لا الوقت وهذا أولى من التوجيه بأن تضاعفه بتضاعف الرأس ليس بإلحاق غير السبب بالسبب فيه لأنه غير وارد بخلاف الإضافة إلى غيره وتكررها لتكرر الرأس يمنع شرطيته وعند تكرر الوقت لتكرر المؤنة.
وللعشر الأرض النامية حقيقة للإضافة وكونه حقًا ماليًا كالزكاة غير أنه مقدر بجزء من الحادث خروجه فلا يكفي النماء التقديرى بخلاف الزكاة والخراج فإن سببه الأرض النامية ولو تقديرًا ولتعلقه بعين الخارج لم يجز تعجيله بخلافهما.
وصاركونهما مؤتة أنه سبب بقاء الأملاك في يد الملاك ففى العشر باستنزال النصر بدعاء الضعفاء والاستمطار في السنة الشهباء وفي الخراج بمقاتلة المقاتلة الذابين الحامين للدار عن الأعداء وهما وإن اشتركا أصلًا في المونة اختلفا وصفا ففى العشر معنى عبادة لأن الواجب جزء قليل من النماء ويصرف إلى الفقراء كالزكاة وفي الخراج معنى عقوبة من حيث الإقبال إلى تعمير الأرض المذموم والإعراض عن الجهاد الممدوح فيتنافيان للوصفين