لنا أولًا قوله عليه السلام لعمرو بن العاص احكم على أنك إن أصبت ذلك عشر حسنات وإن أخطأت ذلك حسنة والثواب لا يترتب على الخطأ.
ومن اعترض بأن هذه الحسنة رما يكون للمشقة الاجتهادية لا للإصابة في الدليل غفل عن أن الدليل إذا لم يكن دليلًا شرعًا فالأخذ به إن لم يؤد إلى العقاب كما قيل ودل عليه آية بدر فلا أقل من أن لا يودى إلى الثواب.
وثانيًا: قوله تعالى: {وَكُلا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعلْمًا} [الأنبياء: ٧٩] فظاهره إنباؤهما في هذه القضية وإلا فالجزم بثبوتهما في الجملة حَصل بثبوتهما فالثناء عليه والامتنان به مع كونه خطأ لما مر دليل الإصابة ابتداء.
وثالثًا: قول ابن مسعود رضي الله عنه لمسروق وأسود لما سبقا في المغرب بركعتين فقضى مسروق بركعة وجلوس وركعة وأسود بركعتين وجلوس كلاكما أصابا وصنيع مسروق أحب إلى.
لا يقال هذا يدل على تعدد الحقوق المرجح بعضها فهو القول بالأشبه.
لأنا نقول لما أقيم الدليل على وحدتها وأنه هو مذهب ابن مسعود رضي الله عنه علم أن مراده بالاصابة هى ابتداءه في حق العمل.
لهم أولًا إطلاق الخطأ في قوله عليه السلام إن أخطات أن ينصرف إلى الكامل.
وثانيًا: قوله تعالى: {لَوْلا كتَابٌ مِنَ اللهِ} [الأنفال: ٦٨] الآية لمسكم في اتباع الاجتهاد الخطأ الذي هو أخذَ الفدية فلو أصاب لم يترتب العقاب فضلا عن ترتب الثواب.
قيل على الأول أن اقتضاء المطلق الكمال لا يعتد به في الأصول وعلى الثاني أن معنى الآية أن انتفاء العذاب على الاجتهاد الخطأ لوجود الكتاب السابق بإباحة الفداء فمقتضاه استحقاق العذاب على الخطأ فيما لم يسبق كتاب فهي عليهم لا لهم لاقتضائه كونه خطأ من كل وجه وليسا بشىء.
أما الأول فلأنه طريق عرفي يتبع فيما مقصوده العمل وهو الاجتهاد هنا.
وأما الثاني فلأنا لا نعلم أن استحقاق العذاب على تقدير عدم سبق الكتاب على الاجتهاد الخطأ بل على ترك العزيمة كما مر فمعناه انتفى العذاب بترك العزيمة لسبق الكتاب بالرخصة بل الصحيح من الرد على الأول أن الكمال الذي يقتضيه المطلق الكمال في الحقيقة لا بتعدد المحل من الدليل والمطلوب.
ولئن سلم فالظاهر من الأخطاء ما في المطلوب.