للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلقاء النفس في مدرجة العجز والهوان، وتلاشي الاسم والرسم بالفناء في عظمة بقاء الرحمان، وهذا منتهى إقدام الكمل بالسير الأكمل، في الطريق الأقوم الأعدل، وقبل الثاني ابتلاء نفس العقل ولولاه لاستمر العالم في أبهة العلم على المرودة وما استأنس إلى التذلل لعز العبودية والدليل نقلي وعقلي فمن الأول قراءة ابن مسعود (إن تأويله إلا عند الله) (١) وقراءة أبي وابن عباس في رواية طاووس (ويقول الراسخون) (٢)، ومن الثاني: أنه جعل تباعه بالتأويل حظ الرائعين كما بالفتنة بإجرائه على ظاهرة وتخصيص التأويل بما يشتهونه خلاف الظاهر والإقرار بحقيقته مع العجز عن دركه حظ الراسخين قبل أو قصد ذلك لكان الأليق وأما الراسخون قلنا الأليق تقديره لتناسب (إما الذين في قلوبهم زيغ) إذ لم يعهد أما في القرآن بدون أختها وليتم التفريق بعد الجمع والتقسيم وعلم الرسول عليه السلام بإعلام الله تعالى لا ينافي الحصر كالغيب ولا محذور في اقتضاء الوقف الحصر وعدمه إذ لم يتوافر قبيل الأداء وقيل: النزاع لفظي فالمثبت ظاهر العلم أو ما يمكن رده إلى الحكم والمنفي حقيقة العلم أو ما لا يمكن كالعلم بالساعة ولا بد من القول به تحقيقا للقلة في قوله تعالى {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعلْمِ إِلا قَليلًا} [الإسراء: من الآية ٨٥] وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا ولقوله عليه السلام (أو استأَثرت به في علم الغيب عندك) (٣)، وهذا أولى في الاعتقاد احترازًا عن إزراء أحد الفريقين والتفضيل أولى في الاصطلاح لاختصاص كل بحكم غايته الاشتراك في لفظي الحكم والمتشابه أو عدم إرادة الحصر.

الثالثة: استعماله إما بحسب وضع أول فحقيقة أولًا فمجاوز أيًّا كان فإن الاستعمال ظهور المراد فصريح وإلا فكتابة ولا نقفل عن النكتة.

الرابعة: أقسام الاستثمار: أي الاستنباط فهم المعنى إما من نفس اللفظ مسوقًا له أي


(١) انظر/ تفسير الطبري (٣/ ١٨٤)، تفسير ابن كثير (١/ ٣٤٨).
(٢) انظر/ تفسير الطبري (٣/ ١٨٤)، تفسير ابن كثير (١/ ٣٤٨)، فتح الباري (٨/ ٢١٠).
(٣) أخرجه ابن حبان في صحيحه (٣/ ٢٥٣) ح (٩٧٢)، والحاكم في مستدركه (١/ ٦٩٠) ح
(١٨٧٧) وقال: صحيح على شرط مسلم إن سلم من إرسال عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه،
فإنه مختلف في سماعه عن أبيه.
وابن أبي شيبة في مصنفه (٦/ ٤٠) ح (٢٩٣١٨)، والإمام أحمد في مسنده (١/ ٣٩١) ح (٣٧١٢)،
والحارث في مسنده (٢/ ٩٥٧) ح (١٠٥٧ / البغية)، وأبو يعلى في مسنده (٩/ ١٩٨ - ١٩٩) ح
(٥٢١٧)، والطبراني في الكبير (١٠/ ١٦٩) ح (١٠٣٥٢)، وفي الدعاء (١/ ١٦٣) ح (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>