، وفي هذا العهد غلبت قبيلة حمير على مملكة سبأ، واتخذت بلدة «ريدان» عاصمة لها بدل «مأرب» . ثم سميت بلدة «ريدان» باسم ظفار، وتوجد أنقاضها على جبل مدور بالقرب من «يريم» وفي هذا العهد بدأ فيهم السقوط والإنحطاط، فقد فشلت تجارتهم إلى حد كبير؛ لبسط سيطرة الأنباط في شمال الحجاز أولا، ثم لغلبة الرومان على طرق التجارة البحرية بعد نفوذ سلطانهم على مصر وسوريا وشمالي الحجاز ثانيا، ولتنافس القبائل فيما بينها ثالثا. وهذه العناصر هي التي سببت في تفرق آل قحطان وهجرتهم إلى البلاد الشاسعة.
٤- منذ سنة ٣٠٠ م إلى أن دخل الإسلام في اليمن.
وفي هذا العهد توالت عليهم الإضطرابات والحوادث، وتتابعت الإنقلابات، والحروب الأهلية التي جعلتهم عرضة للأجانب حتى قضت على استقلالهم. ففي هذا العهد دخل الرومان في عدن، وبمعونتهم احتلت الأحباش اليمن لأول مرة سنة ٣٤٠ م، مستغلين التنافس بين قبيلتي همدان وحمير، واستمر احتلالهم إلى سنة ٣٧٨ م. ثم نالت اليمن استقلالها، ولكن بدأت تقع الثلمات في سد مأرب، حتى وقع السيل العظيم الذي ذكره القرآن بسيل العرم في سنة ٤٥٠ م أو ٤٥١ م. وكانت حادثة كبرى أدت إلى خراب العمران وتشتت الشعوب.
وفي سنة ٥٢٣ م قاد ذو نواس اليهودي حملة منكرة على المسيحيين من أهل نجران، وحاول صرفهم عن المسيحية قسرا. ولما أبوا خد لهم الأخدود وألقاهم في النيران، وهذا الذي أشار إليه القرآن في سورة البروج بقوله: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ الآيات، وكان من جراء ذلك نقمة النصرانية الناشطة إلى الفتح والتوسع تحت قيادة أمبراطور الرومان على بلاد العرب، فقد حرضوا الأحباش، وهيأوا لهم الأسطول البحري، فنزل سبعون ألف جندي من الحبشة، واحتلوا اليمن مرة ثانية، بقيادة أرياط سنة ٥٢٥ م، وظل أرياط حاكما من قبل ملك الحبشة حتى اغتاله أبرهة- أحد قواد جيشه- وحكم بدله بعد أن استرضى ملك الحبشة، وأبرهة هذا هو الذي جند الجنود لهدم الكعبة، وعرف هو وجنوده بأصحاب الفيل.
وبعد وقعة الفيل استنجد اليمانيون بالفرس، وقاموا بمقاومة الحبشة حتى أجلوهم عن البلاد، ونالوا الإستقلال في سنة ٥٧٥ م بقيادة معد يكرب بن سيف ذي يزن الحميري، واتخذوه ملكا لهم، وكان معد يكرب أبقى معه جمعا من الحبشة يخدمونه ويمشون في ركابه، فاغتالوه ذات يوم، وبموته انقطع الملك عن بيت ذي يزن، وولى كسرى عاملا