المعركة سيدور على كواهلهم، مع أن نصوص العقبة لم تكن تلزمهم بالقتال خارج ديارهم، فقال بعد سماع كلام هؤلاء القادة الثلاثة:«أشيروا عليّ أيها الناس» وإنما يريد الأنصار، وفطن إلى ذلك قائد الأنصار وحامل لوائهم سعد بن معاذ، فقال: والله، لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل.
قال: فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوا غدا، إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله.
وفي رواية أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها ألاتنصرك إلا وفي ديارهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم، فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع، حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبع لأمرك، فو الله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك، وو الله لئن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك.
فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشطه ذلك، ثم قال:«سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين: والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم» .
[الجيش الإسلامي يواصل سيره]
ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذفران، فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر، ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدية، وترك الحنان بيمين- وهو كثيب عظيم كالجبل- ثم نزل قريبا من بدر.
[الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بعملية الإستكشاف]
وهناك قام بنفسه بعملية الإستكشاف مع رفيقه في الغار أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وبينما هما يتجولان حول معسكر مكة إذا هما بشيخ من العرب، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم