للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[العمرة والإنصراف إلى المدينة]

ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قسمة الغنائم في الجعرانة أهلّ معتمرا منها، فأدى العمرة، وانصرف بعد ذلك راجعا إلى المدينة بعد أن ولي على مكة عتاب بن أسيد، وكان رجوعه إلى المدينة لست ليال بقيت من ذي القعدة سنة ٨ هـ.

قال محمد الغزالي: لله ما أفسح المدى الذي بين هذه الآونة الظافرة بعد أن توج الله هامته بالفتح المبين، وبين مقدمة إلى هذا البلد النبيل منذ ثمانية أعوام؟

لقد جاءه مطاردا يبغي الأمان، غريبا مستوحشا ينشد الإيلاف والإيناس، فأكرم أهله مثواه، وآووه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، واستخفوا بعداوة الناس جميعا من أجله، وها هو ذا بعد ثمانية أعوام يدخل المدينة التي استقبلته مهاجرا خائفا، لتستقبله مرة أخرى وقد دانت له مكة، وألقت تحت قدميه كبرياءها وجاهليتها فأنهضها، ليعزها بالإسلام، وعفا عن خطيئاتها الأولى إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف:

٩٠] «١» .


(١) فقه السيرة ص ٣٠٣، وانظر لتفصيل هذه الغزوات- فتح مكة وحنين والطائف، وما وقع خلالها- زاد المعاد ج ٢ ص ١٦٠ إلى ٢٠١، وابن هشام ج ٢ من ص ٣٨٩ إلى ٥٠١، وصحيح البخاري أبواب غزوة الفتح وحنين وأوطاس والطائف وغيرها ج ٢ من ص ٦١٢، إلى ٦٢٢، وفتح الباري ج ٨ من ص ٣ إلى ٥٨.

<<  <   >  >>