للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عالية من قريش الجبل- يقودهم أبو سفيان وخالد بن الوليد- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا» فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل «١» .

وفي مغازي الأموي أن المشركين صعدوا على الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد:

أجبنهم- يقول: ارددهم- فقال: كيف أجبنهم وحدي؟ فقال ذلك ثلاثا، فأخذ سعد سهما من كنانته، فرمى به رجلا فقتله، قال: ثم أخذت سهمي أعرفه فرميت به آخر، فقتلته، ثم أخذته أعرفه فرميت به آخر فقتلته فهبطوا من مكانهم، فقلت: هذا سهم مبارك، فجعلته في كنانتي. فكان عند سعد حتى مات، ثم كان عند بنيه «٢» .

[تشويه الشهداء]

وكان هذا آخر هجوم قام به المشركون ضد النبيّ صلى الله عليه وسلم. ولما لم يكونوا يعرفون من مصيره شيئا- بل كانوا على شبه اليقين من قتله- رجعوا إلى مقرهم، وأخذوا يتهيأون للرجوع إلى مكة، واشتغل من اشتغل منهم- وكذا اشتغلت نساؤهم- بقتلى المسلمين، يمثلون بهم، ويقطعون الآذان والأنوف والفروج، ويبقرون البطون، وبقرت هند بنت عتبة كبد حمزة، فلاكتها فلم تستطيع أن تسيغها، فلفظتها، واتخذت من الآذان والأنوف خدما- خلاخيل- وقلائد «٣» .

[مدى استعداد أبطال المسلمين للقتال حتى نهاية المعركة]

وفي هذه الساعة الأخيرة وقعت وقعتان، تدلان على مدى استعداد أبطال المسلمين للقتال، ومدى استماتتهم في سبيل الله.

١- قال كعب بن مالك: كنت فيمن خرج من المسلمين، فلما رأيت تمثيل المشركين بقتلى المسلمين قمت فتجاوزت، فإذا رجل من المشركين جمع اللأمة يجوز المسلمين وهو يقول: استوسقوا كما استوسقت جزر الغنم «٤» ، وإذا رجل من المسلمين ينتظره، وعليه لأمته، فمضيت حتى كنت من ورائه، ثم قمت أقدر المسلم والكافر ببصري، فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيئة، فلم أزل أنتظرهما حتى التقيا، فضرب المسلم الكافر ضربة فبلغت وركه وتفرق فرقتين، ثم كشف المسلم عن وجهه وقال: كيف ترى يا كعب؟ أنا أبو دجانة «٥» .


(١) نفس المصدر.
(٢) زاد المعاد ٢/ ٩٥.
(٣) ابن هشام ٢/ ٩٠.
(٤) أي استجمعوا وانضموا.
(٥) البداية والنهاية ٤/ ١٧.

<<  <   >  >>