للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[شماتة أبي سفيان بعد نهاية المعركة وحديثه مع عمر]

ولما تكامل تهيؤ المشركين للإنصراف، أشرف أبو سفيان على الجبل، فنادى: أفيكم محمد؟ فلم يجيبوه. فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يجيبوه. فقال: أفيكم عمر بن الخطاب؟ فلم يجيبوه- وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم منعهم من الإجابة- ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة لعلمه وعلم قومه أن قيام الإسلام بهم. فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم، فلم يملك عمر نفسه أن قال: يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقى الله ما يسوءك، فقال: قد كان فيكم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني.

ثم قال: أعل هبل.

فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبونه؟ فقالوا: فما نقول؟ قال: «قولوا: الله أعلى وأجل» .

ثم قال: لنا العزى ولا عزى لكم.

فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبونه؟ قالوا: ما نقول؟ قال: «قولوا: الله مولانا، ولا مولى لكم» .

ثم قال أبو سفيان: أنعمت فعال، يوم بيوم بدر، والحرب سجال.

فأجاب عمر، وقال: لا سواء، قتلانا في الجنة، وقتلاكم في النار.

ثم قال أبو سفيان: هلم إلي يا عمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائته فانظر ما شأنه؟

فجاءه، فقال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا؟ قال عمر: اللهم لا، وإنه ليستمع كلامك الآن. قال: أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر «١» .

[مواعدة التلاقي في بدر]

قال ابن إسحاق: ولما انصرف أبو سفيان ومن معه نادى: إن موعدكم بدر العام القابل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه: قل: نعم، هو بيننا وبينك موعد «٢» .

[التثبت من موقف المشركين]

ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، فقال: اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون؟ وما يريدون؟ فإن كانوا قد جنبوا الخيل، وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة.. وإن


(١) ابن هشام ٢/ ٩٣، ٩٤، زاد المعاد ٢/ ٩٤، صحيح البخاري ٢/ ٥٧٩.
(٢) ابن هشام ٢/ ٩٤.

<<  <   >  >>