للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بطون عدنان- وهم بنو بكر بن عبد مناف بن كنانة- بمحاربة جرهم، حتى أجلتهم عن مكة، واستولت على حكمها، في أواسط القرن الثاني للميلاد.

ولما لجأت جرهم إلى الجلاء سدوا بئر زمزم، ودرسوا موضعها، ودفنوا فيها عدة أشياء، قال ابن إسحاق: فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي «١» بغزالي الكعبة «٢» ، وبحجر الركن الأسود فدفنهما في بئر زمزم، وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديدا، وفي ذلك قال عمرو «٣» :

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العواثر

ويقدر زمن إسماعيل عليه السلام بعشرين قرنا قبل الميلاد، فتكون إقامة جرهم في مكة واحدا وعشرين قرنا تقريبا، وحكمهم على مكة زهاء عشرين قرنا. واستبدت خزاعة بأمر مكة دون بني بكر،

[خلال قبائل مضر]

إلا أنه كان إلى قبائل مضر ثلاث خلال:

[الأولى: الدفع بالناس من عرفة إلى المزدلفة]

، والإجازة بهم يوم النفر من منى، وكان يلي ذلك بنو الغوث بن مرة من بطون إلياس بن مضر، وكانوا يسمون: صوفة ومعنى هذه الإجازة أن الناس كانوا لا يرمون يوم النفر حتى يرمي رجل من صوفة، ثم إذا فرغ الناس من الرمي، وأرادوا النفر من منى أخذت صوفة بجانبي العقبة، فلم يجز أحد حتى يمروا، ثم يخلون سبيل الناس، فلما انقرضت صوفة ورثهم بنو سعد بن زيد مناة من تميم.

[الثانية: الإفاضة من جمع غداة النحر إلى منى]

، وكان ذلك في بني عدوان.

[الثالثة: إنساء الأشهر الحرم.]

وكان ذلك إلى بني تميم بن عدي من بني كنانة «٤» .

واستمرت ولاية خزاعة على مكة ثلاثمائة سنة «٥» . وفي وقت حكمهم انتشر


(١) هذا غير مضاض الجرهمي الأكبر الذي مضى ذكره في قصة إسماعيل عليه السلام.
(٢) قال المسعودي: وكانت الفرس تهدي إلى الكعبة أموالا في صدر الزمان وجواهر، وقد كان ساسان بن بابك أهدى غزالين من ذهب وجواهر وسيوفا وذهبا كثيرا فقذفه (عمرو) في بئر زمزم اه انظر مروج الذهب ١/ ٢٠٥.
(٣) ابن هشام ١/ ١١٤- ١١٥.
(٤) ابن هشام ١/ ٤٤- ١١٩- ١٢٠- ١٢٢.
(٥) معجم البلدان لياقوت مادة «مكة» .

<<  <   >  >>