للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاحباه أبو بكر وعمر، فعمماه وألبساه، فتدجج بسلاحه، وظاهر بين درعين- أي لبس درعا فوق درع- وتقلد السيف، ثم خرج على الناس.

وكان الناس ينتظرون خروجه، وقد قال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير:

استكرهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج، فردوا الأمر إليه، فندموا جميعا على ما صنعوا، فلما خرج قالوا له: يا رسول الله ما كان لنا أن نخالفك، فاصنع ما شئت، إن أحببت أن تمكث بالمدينة فافعل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ينبغي لنبيّ إذا لبس لأمته- وهي الدرع- أن يضعها، حتى يحكم الله بينه وبين عدوه «١» » .

وقسم النبيّ صلى الله عليه وسلم جيشه إلى ثلاث كتائب:

١- كتيبة المهاجرين، وأعطى لواءها مصعب بن عمير العبدري.

٢- كتيبة الأوس من الأنصار، وأعطى لواءها أسيد بن حضير.

٣- كتيبة الخزرج من الأنصار، وأعطى لواءها الحباب بن المنذر.

وكان الجيش متألفا من ألف مقاتل، فيهم مائة دارع وخمسون فارسا «٢» ، وقيل لم يكن من الفرسان أحد، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم على الصلاة بمن بقي في المدينة، وأذن بالرحيل، فتحرك الجيش نحو الشمال، وخرج السعدان أمام النبيّ صلى الله عليه وسلم يعدوان دراعين.

ولما جاوز ثنية الوداع رأى كتيبة حسنة التسليح منفردة عن سواد الجيش، فسأل عنها، فأخبر أنهم اليهود من حلفاء الخزرج «٣» ، يرغبون المساهمة في القتال ضد المشركين، فسأل: هل أسلموا؟ فقالوا: لا. فأبى أن يستعين بأهل الكفر على أهل الشرك.

[استعراض الجيش:]

وعندما وصل إلى مقام يقال له: (الشيخان) استعرض جيشه، فرد من استصغره ولم يره مطيقا للقتال، وكان منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأسامة بن زيد، وأسيد بن


(١) رواه أحمد والنسائي ومحاكم وابن إسحاق.
(٢) قاله ابن القيم في الهدى ٢، ٩٢. وقال ابن حجر: هو غلط بين. وقد جزم موسى بن عقبة بأنه لم يكن معهم في أحد شيء من الخيل، ووقع عند الواقدي كان معهم فرس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرس لأبي بردة (فتح الباري ٧/ ٣٥٠) .
(٣) روى ذلك ابن سعد وفيه أنهم من بني قينقاع (٢/ ٣٤) ومعلوم أن بني قينقاع كان قد تم إجلاؤهم عقب بدر.

<<  <   >  >>