ومنهم من كان يئد البنات خشية العار والإنفاق، ويقتل الأولاد خشية الفقر والإملاق (القرآن: ٦- ١٥١. ١٦- ٥٨، ٥٩. ١٧- ٣١. ٨١- ٨) ، ولكن لا يمكننا أن نعد هذا من الأخلاق المنتشرة السائدة، فقد كانوا أشد الناس احتياجا إلى البنين، ليتقوا بهم العدو.
أما معاملة الرجل مع أخيه وأبناء عمه وعشيرته فقد كانت موطدة قوية، فقد كانوا يحيون للعصبية القبلية، ويموتون لها. وكانت روح الإجتماع سائدة بين القبيلة الواحدة تزيدها العصبية وكان أساس النظام الإجتماعي هو العصبية الجنسية والرحم، وكانوا يسيرون على المثل السائر «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» على المعنى الحقيقي، من غير التعديل الذي جاء به الإسلام من أن نصر الظالم كفه عن ظلمه، إلا أن التنافس في الشرف والسؤدد كثيرا ما كان يفضي إلى الحروب بين القبائل التي كان يجمعها أب واحد، كما نرى ذلك بين الأوس والخزرج، وعبس وذبيان، وبكر وتغلب وغيرها.
أما العلاقة بين القبائل المختلفة فقد كانت مفككة الأوصال تماما، وكانت قواهم متفانية في الحروب. إلا أن الرهبة والوجل من بعض التقاليد والعادات المشتركة بين الدين والخرافة ربما كان يخفف من حدتها وصرامتها وفي بعض الحالات كانت الموالاة والحلف والتبعية تفضي إلى اجتماع القبائل المتغايرة، وكانت الأشهر الحرم رحمة وعونا لهم على حياتهم وحصول معايشهم.
وقصارى الكلام أن الحالة الإجتماعية كانت في الحضيض من الضعف والعماية فالجهل ضارب أطنابه، والخرافات لها جولة وصولة والناس يعيشون كالأنعام، والمرأة تباع وتشترى وتعامل كالجمادات أحيانا، والعلاقة بين الأمة واهية مبتوتة، وما كان من الحكومات فجل همتها امتلاء الخزائن من رعيتها، أو جر الحروب على مناوئيها.
[الحالة الإقتصادية]
أما الحالة الإقتصادية، فتبعت الحالة الإجتماعية، ويتضح ذلك إذا نظرنا في طرق معايش العرب. فالتجارة كانت أكبر وسيلة للحصول على حوائج الحياة، والجولة التجارية لا تتيسر إلا إذا ساد الأمن والسلام، وكان ذلك مفقودا في جزيرة العرب إلا في الأشهر الحرم، وهذه هي الشهور التي كانت تعقد فيها أسواق العرب الشهيرة من عكاظ وذي المجاز ومجنة وغيرها.