للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها. وهن البغايا، كنّ ينصبن على أبوابهن رايات، تكن علما لمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها جمعوا لها، ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطه ودعي ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم هدم نكاح أهل الجاهلية كله إلا نكاح الإسلام اليوم «١» .

وكانت عندهم اجتماعات بين الرجل والمرأة تعقدها شفار السيوف، وأسنة الرماح، فكان المتغلب في حروب القبائل يسبي نساء المقهور فيستحلها، ولكن الأولاد الذين تكون هذه أمهم يلحقهم العار مدة حياتهم.

وكان من المعروف في أهل الجاهلية أنهم كانوا يعددون بين الزوجات من غير حد معروف ينتهي إليه، وكانوا يجمعون بين الأختين، وكانوا يتزوجون بزوجة آبائهم إذا طلقوها أو ماتوا عنها [سورة النساء: ٢٢، ٢٣] وكان الطلاق بين الرجال لا إلى حد معين «٢» .

وكانت فاحشة الزنا سائدة في جميع الأوساط، لا نستطيع أن نخص منها وسطا دون وسط أو صنفا دون صنف، إلا أفرادا من الرجال والنساء ممن كان تعاظم نفوسهم يأبى الوقوع في هذه الرذيلة، وكانت الحرائر أحسن حالا من الإماء والطامة الكبرى هي الإماء، ويبدو أن الأغلبية الساحقة من أهل الجاهلية لم تكن تحس بعار في الإنتساب إلى هذه الفاحشة، روى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قام رجل فقال:

يا رسول الله إن فلانا ابني، عاهرت بأمه في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية. الولد للفراش وللعاهر الحجر» ، وقصة اختصام سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في ابن أمة زمعة- وهو عبد الرحمن بن زمعة- معروفة «٣» .

وكانت علاقة الرجل مع أولاده على أنواع شتى فمنهم من يقول:

إنما أولادنا بيننا ... أكبادنا تمشي على الأرض


(١) أبو داود، كتاب النكاح، باب وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية.
(٢) نفس المصدر باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث. وهذا الذي ذكره المفسرون في سبب نزول قوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ.
(٣) أبو داود باب الولد للفراش.

<<  <   >  >>