للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول: ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جانبه «١» .

ويقول: سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر «٢» .

وكان يجعل: إماطة الأذى عن الطريق صدقة، ويعدها شعبة من شعب الإيمان «٣» .

وكان يحثهم على الإنفاق، ويذكر من فضائله ما تتقاذف إليه القلوب، فكان يقول:

الصدقة تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار «٤» .

ويقول: أيما مسلم كسا مسلما ثوبا على عري، كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلما على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقا مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم «٥» .

ويقول: اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة «٦» .

وبجانب هذا كان يحث حثا شديدا على الإستعفاف عن المسألة، ويذكر فضائل الصبر والقناعة، كان يعد المسألة كدوحا أو خدوشا أو خموشا في وجه السائل «٧» . اللهم إلا إذا كان مضطرا، كما كان يحدث لهم بما في العبادات من الفضائل والأجر والثواب عند الله، وكان يربطهم بالوحي النازل عليه من السماء ربطا موثقا يقرؤه عليهم، ويقرؤونه، لتكون هذه الدراسة إشعارا بما عليهم من حقوق الدعوة، وتبعات الرسالة، فضلا عن ضرورة الفهم والتدبر.

وهكذا رفع معنوياتهم ومواهبهم، وزودهم بأعلى القيم والأقدار والمثل، حتى صاروا صورة لأعلى قمة من الكمال عرفت في تاريخ البشر بعد الأنبياء.

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كان مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، اختارهم الله لصحبة نبيه ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم


(١) رواه البيهقي في شعب الإيمان، مشكاة المصابيح ٢/ ٤٢٤.
(٢) صحيح البخاري ٢/ ٨٩٣.
(٣) والحديث في ذلك مروي في الصحيحين، انظر مشكاة المصابيح ١/ ١٢، ١٦٧.
(٤) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، مشكاة المصابيح ١/ ١٤.
(٥) سنن أبي داود، وجامع الترمذي، مشكاة المصابيح ١/ ١٦٩.
(٦) صحيح البخاري ١/ ١٩٠، ٢/ ٨٩٠.
(٧) انظر في ذلك أبا داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي، مشكاة المصابيح ١/ ١٦٣.

<<  <   >  >>