للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم اشهد. فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع» «١» .

وفي رواية أنه قال في تلك الخطبة: «ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ألا لا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم، فسيرضى به» «٢» .

وأقام أيام التشريق بمنى يؤدي المناسك ويعلم الشرائع، ويذكر الله، ويقيم سنن الهدي من ملة إبراهيم، ويمحو آثار الشرك ومعالمها، وقد خطب في بعض أيام التشريق أيضا، فقد روى أبو داود بإسناد حسن عن سراء بنت نبهان قالت: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الرؤس، فقال: أليس هذا أوسط أيام التشريق «٣» . وكانت خطبته في هذا اليوم مثل خطبته يوم النحر، ووقعت هذه الخطبة عقب نزول سورة النصر.

وفي يوم النفر الثاني- الثالث عشر من ذي الحجة- نفر النبيّ صلى الله عليه وسلم من منى، فنزل بخيف بني كنانة من الأبطح، وأقام هناك بقية يومه ذلك، وليلته، وصلى هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ثم رقد رقدة، ثم ركب إلى البيت، فطاف به طواف الوداع.

ولما قضى مناسكه حث الركاب إلى المدينة المطهرة، لا ليأخذ حظا من الراحة، بل ليستأنف الكفاح والكدح لله وفي سبيل الله «٤» .


(١) صحيح البخاري، باب الخطبة أيام منى ١/ ٢٣٤.
(٢) رواه الترمذي ٢/ ٣٨، ١٣٥، وابن ماجة في الحج، مشكاة المصابيح ١/ ٢٣٤.
(٣) أبو داود. باب أي يوم يخطب بمنى ١/ ٢٦٩.
(٤) انظر لتفصيل حجة النبيّ صلى الله عليه وسلم صحيح البخاري كتاب المناسك ج ١ و ٢/ ٦٣١ وصحيح مسلم باب حجة النبيّ صلى الله عليه وسلم وفتح الباري ج ٣ من شرح كتاب المناسك وج ٨/ ١٠٣ إلى ١١٠ وابن هشام ٢/ ٦٠١ إلى ٦٠٥، زاد المعاد ١/ ١٩٦، ٢١٨ إلى ٢٤٠.

<<  <   >  >>