للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنمت في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الروضة بين القبر والمنبر، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خرج من قبره فقمت فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت: يا رسول الله أين أنت ذاهب؟ فقال: أقيم لمالك الصراط المستقيم، فتنبهت وأتيت أنا وأبي فوجدت الناس مجتمعين علي مالك وقد أخرج الموطأ وكان أول خروجه.

ومن مناقبة الجليلة: أن امرأة غسلت امرأة بالمدينة في زمنه - رضي الله عنه - فوضعت الغاسلة يدها علي فرج الميتة، وقالت: طال ما عصى هذا الفرج ربه، فألتصقت يد الغاسلة في فرجها، فسألوا علماء المدينة عن أمرها، فبعضهم قال: تقطع يد الغاسلة، وبعض آخر قال: يشق فرج الميتة، وبعض آخر تحير في أمرها، فاستفتي الإمام مالك فقالوا: اسألوا الغاسلة ما قالت في حق الميتة لما وضعت يدها على فرجها؟ فسألوها فقالت: طالما عصى هذا الفرج، فقال مالك: هذا قذف اجلدوها ثمانين جلدة تتخلص يدها، فجلدوها فتخلصت يدها فمن ثم قيل: لا يفتى ومالك في المدينة.

ولما اشتهر - رضي الله عنه - بالعلم انتشر وصفه وذكره في البلاد، وحملت إليه الأموال لانتشار علمه فكان يفرقها على أصحابه، وأصحابه يفرقونها في وجوه الخير موافقة لفعله، وما كان يدخرها.

وكان يقول: ليس الزهد فقد المال، وإنما الزهد فراغ القلب عنه.

وكان يقول أيضاً: ما كان رجل صادقاً في حديثه لا يكذب إلا متعه الله بعقله ولم تصبه عند الكبر عند الهرم آفة ولا خرف.

وكان يقول أيضاً: إذا لم يكن للإنسان في نفسه خير لم يكن للناس فيه خير.

ومن مناقبة ما نقله في الحلية لأبي نعيم عن مالك أنه قال: ما بت ليلة إلا ورأيت فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١) .

ومن مناقبة ما قاله عبد الله بن المبارك (٢)

قال: كنت عند مالك، وهو يحدثنا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يقطع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما تفرق الناس عنه قلت يا أبا عبد الله لقد رأيت اليوم منك عجب قال: نعم صبرت إجلالاً لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وكان يحب أن يعظم أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يحدث بشيء من أحاديثه في الطريق أي: وهو قائم مستعجل، وكان إذا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك علي جلسائه، فقيل له: لم ذلك؟ فقال: لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم ما


(١) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (٦/٣١٧) .
(٢) هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، التميمي، المروزي، أحد الأئمة الأعلام، ومن كبار الحفاظ، روى عن إبراهيم بن طهمان، وأسامة بن زيد وغيرهما، وروى عنه: إبراهيم بن شماس السمرقندي، وبقية بن الوليد، وسعيد بن عمرو الأشعثي، وغيرهم.
أمه خوارزمية، وأبوه تركي، وكان عبداً لرجل من بني حنظلة، خرج إلى العراق سنة (١٤١هـ) ، كان طالباً ومحباً للعلم حتى قال عنه أحمد بت حنبل: لم يكن في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه.
له مؤلفات منها: كتاب الرقائق، وكتاب الجهاد، توفى رحمه الله سنة (١٨١هـ) .
انظر: تهذيب الكمال (١/٤٦٦، ترجمة رقم: ٣٠٣) ، الوفيات (ص: ١٤٣) ، حلية الأولياء (٨/١٦٢) ، الكاشف (٢/١٢٣، ترجمة: ٢٩٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>