للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله: أشركاني في سلمكما، كما أشركتماني في حربكما.

ونقل النسفي أن عائشة قالت: للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً ما في بيتك شيء يؤكل، فغضب وخرج من البيت فأرادت مصالحته فسبقها بالخروج، فوضعت خدها على التراب وتضرعت إلى الله بالبكاء، فلما وضع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجله على باب المسجد وأراد الدخول جاء جبريل يطبق من الحلوى فقال: إن الله تعالى يقول: كان الصلح منا وطعام الصلح علينا.

وهي أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روي لها من الأحاديث ألفاً حديث وعشرة أحاديث، اتفق البخاري ومسلم على مائة وأربعة عشر وسبعين حديثاً، وانفرد مسلم بثمانية وستين، والبخاري بأربعة وخمسين.

ومما اجتمع لها من الفضائل: أنها زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنت خليفته - رضي الله عنه - وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتها ورأسه في صدرها، وجمع الله بين ريقه وريقها، ودفن في بيتها، وكان ينزل عليه الوحي وهو في فراشها بخلاف غيرها، وخلقت طيبة ووعدت مغفرة، ولم يتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بكراً غيرها، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقيم لها ليلتين وليلة سوده بنت زمعه لأنها وهبتها ليلتها لما كبرت، ولنسائه ليلة ليلة، وكان يدور علي نسائه ويختم بعائشة.

ومن فضائلها: أن الله أنزل برأتها من السماء لما تكلم في حقها أهل الإفك وقذفوها حيث قال ?إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَراً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ....? إلى آخر الآيات العشرة [النور: ١١-٢٠] ، وقذفها بعد نزول برأتها كفر، لأنه مكذب للقرآن.

ورد في بعض الأخبار عن ابن عباس أنه قال: لم يكن لنبي امرأة زانية.

وقال عروة: كانت عائشة أعلم الناس بالقرآن وبالحديث وبالشعر.

وقال أبو موسى الأشعري (١) : ما أشكل علينا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً، واستقلت بالفتوى زمن أبي بكر وعثمان فمن بعدهم.

وماتت رضي الله عنها في خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين، وهي بنت ست وستين سنة، ودفنت بالبقيع ليلاً وصلى عليها أبو هريرة - رضي الله عنه - أقامت في صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانية أعوام وخمسة أشهر وتوفي عنها وهي بنت ثمان عشرة.


(١) أبو موسى هو: أبو عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولزمه وجاهد معه، وأرسله مع معاذ بن جبل - رضي الله عنه - والياً على شعب من اليمن، توفي - رضي الله عنه - سنة (٤٤هـ) .
انظر: غاية النهاية (١/٤٤٢) ، وحلية الأولياء (١/٢٥٦) ، والطبقات الكبرى (٧/٣٠٢) ، وتهذيب الأسماء للنووي (٢/٢٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>