للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقل شيخنا الجلال السيوطي في الخصائص: أن في معاني الآثار للطحاوي قال أبو حنيفة: كان الناس لعائشة محرماً فمع أيهم سافرت فقد سافرت مع محرم، وليس لغيرها من النساء ذلك (١) .

وقول البخاري عن عائشة أم المؤمنين وصفها بأم المؤمنين مقتبس من قوله تعالى ?وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ? [الأحزاب: ٦] المراد: أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - المدخول بهن وغير المدخول بهن يقال لهن: أمهات المؤمنين.

والقصد من تسميتهن بأمهات المؤمنين تحريم نكاحهن بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجوب احترامهن وطاعتهن، كما يحرم نكاح الأمهات، ويجب احترامهن وطاعتهن، وليس المقصود من تسميتهن بذلك أنه يجوز الخلوة بهن والنظر إليهن كما يجوز النظر والخلوة إلى الأمهات، بل كان نظر الأجنبي إليهن حراماً، وخلوته بهن كذلك، وكان نكاح بناته له جائز.

والحكمة في تحريم نكاحهن بعده - صلى الله عليه وسلم - على أمته حتى لا يكن يوم القيامة تحت غيره، فإن المرأة تكون مع آخر زوج لها على خلاف في ذلك سيأتي.

ويقال لهن: أمهات المؤمنين أيضاً على الراجح قاله ابن حجة.

وهل يقال لرسول الله: أبو المؤمنين كما يقال لنسائه أمهات المؤمنين؟ الأصح الجواز قال البغوي (٢) : إنه - صلى الله عليه وسلم - كان أباً للرجال والنساء وأما قوله تعالى ?مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أحد مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ? [الأحزاب: ٤٠] فالمراد منه: ما كان أبا أحدكم لصلبه، بل كان في الحرمة قال النووي: ولا يقال لبناتهن أخوات المؤمنين، ولا بأيهن أجداد المؤمنين، ولا لأماتهن جدات المؤمنين، ولا لأخواتهن أخوال المؤمنين ولا لأخواتهن خالات المؤمنين.

ويختلف العلماء في عدد نسائه - صلى الله عليه وسلم - اللاتي دخل بهن، فقال القرطبي: جملتهن ثنتا عشرة فارقهن قبل الدخول وخطب بنساء من غير عقد عليهن، وكان له أربع سراري.

قال شيخ الإسلام ابن حجر: والحكمة في كثرة أزواجه أن الأحكام التي ليست ظاهرة يطلعن عليها فينقلها للناس، وقد جاء عن عائشة في ذلك الكثير الطيب.

وزوجاته أفضل نساء العالمين، وأفضل زوجاته خديجة وعائشة واختلف العلماء فيهما ورجح جماعة من المتأخرين أن خديجة أفضل من عائشة، والذي يدل على أن


(١) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي (٢/١١٦) .
(٢) البغوي هو: الحسين بن مسعود البغوي، أحد أئمة الحديث والتفسير، ومن كبار علماء الشافعية، ولد سنة (٤٣٦هـ) من مؤلفاته: شرح السنة، ومعالم التنزيل في تفسير القرآن، وكانت وفاته سنة (٥١٦هـ) .
انظر: طبقات الشافعية (٤/٤٨) ، وتذكرة الحفاظ (٤/٥٢) ، وطبقات المفسرين للداودي (ص ٥٨) ، والنجوم الزاهرة لابن تغري (٥/١٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>