للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن علامات صدق الرؤيا من حيث الزمان كونها في الأسحار، وكونها عند اقتراب الزمان ففي الحديث «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب» (١) واقتراب الزمان هو اعتداله وقت استواء الليل والنهار، وقيل: اقتراب الزمان قرب قيام الساعة.

وعن جعفر الصادق (٢) أنه قال: أصدق رؤيا النهار وقت القيلولة، لأن الحسين بن على رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: «أتسرعون السير بكم إلى الجنة» فقال الحسين - رضي الله عنه -: يا أبت لا حاجة إلى الرجعة إلى دار الدنيا بعد رؤيتك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «يا بني لابد لك من الرجعة وهي ساعة لم يكذب فيها، ثم صلى الظهر وقتل شهيداً» (٣) .

ومن علامات صلاحها: أن تكون تبشيراً بالثواب على الطاعة أو تحذيراً من المعصية، وليس المراد من قولنا بأن هذه الرؤيا الصالحة أنها صالحة على سبيل القطع بل على غلبة الظن.

قال ابن الصلاح: ومعلوم أن إدراك ما هو حق منها مما هو باطل، وعسر الطريق أن يظن إلا ظناً.

فإن قيل: بأي شيء يرى الإنسان المنام بالروح أو بغيرها؟

فالجواب: أن مقاتلاً ذكر في تفسير قوله تعالى ?وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ? [الانعام: ٦٠] أن الإنسان له حياة وروح ونفس، فإذا نام خرجت نفسه التي يعقل بها الأشياء، ولم تفارق الجسد بل تخرج كحبل ممتد له شعاع كشعاع الشمس فيرى الرؤيا بالنفس التي خرجت منه وتبقى الحياة والروح في الجسد، فيها ينقلب ويتنفس فإذا حرك رجعت إليه أسرع من طرفه عين، فإذا رجعت أخبرت الروح القلب فيصبح فيعلم أنه رأى رؤيا صالحة فيعرف بما رأى في منامه فتحيا النفس وتحيا الروح وتخبر الروح القلب، فإذا أراد الله تعالى أن يميت هذا الرائي في المنام يمنع النفس التي خرجت منه العود إلى البدن، ويقبض الروح إليها، فيموت في منامه.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٤/١٧٧٣، رقم ٢٢٦٣) ، والترمذي في سننه (٤/٥٣٢، رقم ٢٢٧٠) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد في مسنده (٢/٥٠٧، رقم ١٠٥٩٨) ، والبيهقي في شعب الإيمان (٤/١٨٨، رقم ٤٧٦٢) عن أبي هريرة.
(٢) جعفر الصادق هو: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي العلوي أبو عبد الله المدني الصادق، وأمُّه: أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها: أسماء بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر، فلذلك كان يقول ولدني أبو بكر مرتين. توفى رضي الله عنه عام ١٤٨هـ.
قال عمرو بن أبي المقدام: «كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين» ، وقال عنه ابن حبان في الثقات: «كان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا ... » ، وقال مالك: «اختلفت إليه زماناً فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصل وإما صائم وإما يقرأ القرآن ما رأيته يحدِّث إلا على طهارة» .
(٣) لم نقف عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>