للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأرجح كما قاله ابن حجر وغيره: إن آخر ما أنزل قوله تعالى ?وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ? [البقرة: ٢٨١] لما فيها من الإشارة إلى معنى الوفاة المستلزمة لخاتمة النزول.

وقسم العلماء القرآن باعتبار نزوله إلى مكي ومدني وسفري وحضري وليلي ونهاري، وبين الليل والنهار، وسماوي وأرضي، وإلى ما نزل بين السماء والأرض، وما نزل تحت الأرض، وإلى صيفي وشتائي، وإلى فراشي ونومي.

فأما المكي والمدني فالناس فيه اصطلاحات أشهرها المكي: ما نزل قبل الهجرة، والمدني: ما نزل بعدها سواء نزل بمكة وبالمدينة أم الفتح أو عام الوداع أم بسفر من الأسفار.

ومن فوائد معرفة القلب الفرق بينهما العلم فيكون ناسخاً أو مخصصاً، قال ابن الحصار: فالمدني باتفاق عشرون سورة، والمختلف فيه اثنتى عشرة سورة، والباقي مكي باتفاق.

وأما الحضري فأمثلته كثيرة.

وأما السفري فقليل بالنسبة إلى الحضري، ومن أمثلته قوله تعالى ?وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ? [محمد: ١٣] ، وقيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توجه مهاجراً إلى المدينة وقف ونظر إلى مكة وبكى فنزلت.

ومن أمثلته أيضاً ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى ... ? الآية [الحجرات: ١٣] نزلت بمكة يوم الفتح لما رقى بلال على ظهر الكعبة وأذن، فقال بعض الناس: هذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة.

وأما النهار فهو كثير نزل القرآن نهاراً.

وأما الليلي فهو قليل بالنسبة إلى النهار ومن أمثلته أيضاً ?وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ? [المائدة: ٦٧] وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرس في أول الأمر ليلاً حتى نزلت، وخرج رأسه من القبة فقال: يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله، ومن أمثلته أيضاً سورة الأنعام ومريم فإنها نزلت ليلاً.

وأما الذي بين الليل والنهار أي: في وقت الصبح فمن أمثلته آية التيمم في المائدة، وقوله تعالى ?لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ? [آل عمران: ١٢٨] .

وأما الأرضي فكثير.

وأما السماوي فمن أمثلته قوله تعالى ?آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>