للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوم القيامة» (١)

ففي هذا الحديث دلالة على أن القلم هو المأمور بالكتابة.

قال ابن عباس: وهو قلم من نور طوله كما بين السماء والأرض.

قال القرطبي: ويقال خلق الله القلم ثم نظر إليه فانشق نصفين فقال: اجر، فقال: يا رب بم أجرى؟ قال بما هو كائن إلى يوم القيامة فجرى على اللوح المحفوظ، ووضع الله هذا القلم فوق عرشه.

وهل خلق قلماً واحداً لكتابه المقادير أو أقلاماً سيأتي بيان ذلك في حديث المعراج.

وفي قوله ?عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ? بعد قوله ?عَلَّمَ بِالْقَلَمِ? تنبيه على أنه كما يحصل التعلم بالقلم يحصل بتعليم الله تعالى بلا واسطة لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يكتب حتى تعلم بالقلم.

ومعنى قوله ?اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ? [العلق: ٣] الذي له الكمال في زيادة كرمه على كل كريم، وينعم على عباده النعم التي تحصى، ويحلم عليهم فلا يعاجلهم بالعقوبة مع كفرهم وجحودهم لنعمته وارتكابهم المناهي، وتركهم الأوامر، ويقبل توبتهم ويتجاوز عنهم، فما لكرمه غاية ولا مد.

وفي الحديث دليل على أن أول ما نزل من القرآن ?اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ? إلى قوله ?مَا لَمْ يَعْلَمْ?

[العلق:١-٥] .

وللعلماء في هذه المسألة أقوال أصحها أن أول ما نزل أوائل السورة ?اقْرَأْ? إلى قوله ?مَا لَمْ يَعْلَمْ?.

وقيل: أول ما أنزل سورة الفاتحة، وقيل: بسم الله الرحمن الرحيم.

واختلف العلماء في آخر آية نزلت فقيل آية الربا وهي قوله تعالى ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا? [البقرة: ٢٧٨] ، وقيل: آية الدين، وقيل: ?لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ... ? إلى آخر السورة [التوبة: ١٢٨، ١٢٩] ،


(١) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (١٣/٣٩) ، والحكيم في نوادر الأصول (٢/٣٥٤) عن علي ابن أبي طالب.
قلت: وفي بعض ألفاظ حديث أبي هريرة السابق ورد هذا الخبر على أنه تمام له، كما في رواية السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء (١/١٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>