للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان كونه علقة، وأعلاها كونه عالماً، فالله سبحانه وتعالى امتن على الإنسان بنقله من أحسن المراتب وهي العلقة إلى أعلاها وهي العلم.

فإن قيل: لأي شيء خص الإنسان بالذكر بقوله ?خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ? مع أن جميع الحيوانات مخلوقات من علق؟

فالجواب: أنه إنما خصه بالذكر ليبين قدر نعمته عليه فأعلمه أن خلقه من نطفه مهينة حتى صار بشراً سوياً وعاقلاً مميزاً.

وقوله تعالى: ?عَلَّمَ بِالْقَلَمِ? قال العلماء: القلم نعمة من الله على عبادة، وهو من أشرف المخلوقات لله، ولذا أقسم به في كتابه العزيز فقال: ?ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ? [القلم: ١] .

والقلم أول ما خلقه الله تعالى في الحديث عن أبي هريرة قال سمعت رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أول ما خلق الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة وذلك قوله تعالى ?ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ? ثم قال له: اكتب قال: وما اكتب؟ قال: ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة» (١) .

وفي الحديث «من عمل أو أجل أو رزق أو أثر، فجرى القلم بما هو كائن إلى


(١) أخرجه الديلمي في الفردوس (١/١٢، رقم ٣) ، والسمعاني في أدب الاملاء والاستملاء (١/١٥٨) عن أبي هريرة.
وهو حديث باطل فقد أخرجه ابن عدي في الكامل (٦/٢٦٩، ترجمة ١٧٥٣ محمد بن وهب بن عطية الدمشقي) قال ابن عدي بعد أن أخرج الحديث: وهذا بهذا الإسناد باطل منكر، وقال في نهاية الترجمة: ولمحمد بن وهب بن عطية غير حديث منكر ولم أر للمتقدمين فيه كلاما وقد رأيتهم قد تكلموا فيمن هو خير منه.
وترجم له الذهبي في الميزان (٦/٣٦٢، ترجمة ٨٣٠٤) وقال: قال ابن عدي: له غير حديث منكر، وقال أبو القاسم بن عساكر: ذاهب الحديث. وانظر: لسان الميزان (٥/٤١٩، ترجمة ١٣٧٩) .
وقد فرق الحافظ بن حجر في تهذيب التهذيب (٩/٤٤٦) ، بينه وبين رجل آخر في الثقات فقال: «محمد بن وهب بن مسلم القرشي ... أورد له بن عدي حديثه عن الوليد عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعة ... فذكر الحافظ الحديث ثم قال: قال بن عدي: هذا باطل، لكن ظن ابن عدي أنه الأول فقال هو: محمد بن وهب بن عطية وليس كما ظن وقد فرق بينهما أبو القاسم بن عساكر فأصاب.
قلت فالضعيف منهما: محمد بن وهب بن مسلم القرشي.
والحديث ذكره العجلوني في كشف الخفا (١/٣٠٩) وعزاه إلى الحكيم الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>