للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويرجعون إليها (١) .

ثم قال ورقة للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «ياليتني فيها» أي: في أيام نبوتك أو دعوتك أو دولتك «جذعاً» يعني شاباً فتياً قوياً حتى أبالغ في نصرتك، ويكون لي كفاية تامة لذلك.

وها هنا سؤالان:

أحدهما: فإن قيل: كيف أدخل حرف النداء في «يا ليتني» على حرف التمني، وحرف النداء من خواص الاسم، ويأتي السؤال في قوله تعالى ?يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا? [مريم: ٢٣] .

وأجيب عنه بجوابين

أحدهما: أنه محمول على حذف المنادى تقديره: يا محمد ليتني كنت فيها حياً وضعفه ابن مالك بأن القائل قد يكون وحده لا يكون معه منادي ثابت، ولا محذوف كما في الآية.

ثانيهما: أن «يا» حرف تنبيه كـ «ألا» في قول من قال: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة.


(١) فصل القول ابن حجر في هذه المسألة فقال: وقوله: «على موسى» ولم يقل: على عيسى مع كونه نصرانياً، لأن كتاب موسى - عليه السلام - مشتمل على أكثر الأحكام، بخلاف عيسى.
وكذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو لأن موسى بعث بالنقمة على فرعون ومن معه، بخلاف عيسى.
كذلك وقعت النقمة على يد النبي - صلى الله عليه وسلم - بفرعون هذه الأمة وهو: أبو جهل بن هشام ومن معه ببدر، أو قاله تحقيقاً للرسالة، لأن نزول جبريل على موسى متفق عليه بين أهل الكتاب، بخلاف عيسى فإن كثيراً من اليهود ينكرون نبوته.
وأما ما تمحل له السهيلي من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه أحد الأقانيم فهو محال، لا يعرج عليه في حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل في التبديل ولم يأخذ عمن بدل. على أنه قد ورد عند الزبير بن بكار من طريق عبد الله بن معاذ عن الزهري في هذه القصة أن ورقة قال: ناموس عيسى.
والأصح ما تقدم، وعبد الله بن معاذ ضعيف، نعم في دلائل النبوة لأبي نعيم بإسناد حسن إلى هشام بن عروة عن أبيه في هذه القصة، أن خديجة أولاً أتت ابن عمها ورقة فأخبرته الخبر فقال: «لئن كنت صدقتني، إنه ليأتيه ناموس عيسى الذي لا يعلمه بنو إسرائيل أبناءهم» فعلى هذا فكان ورقة يقول تارة: ناموس عيسى وتارة ناموس موسى، فعند إخبار خديجة له بالقصة، قال لها: ناموس عيسى، بحسب ما هو فيه من النصرانية، وعند إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - له قال له: ناموس موسى للمناسبة التي قدمناها، وكل صحيح. والله سبحانه وتعالى أعلم. انظر: الفتح (١/٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>