للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبحان ذي العرش سبحاناً نعوذ به ... وقبل سبحه الجودي والجمد

مسخر كل ما تحت السماء له ... لا ينبغي أن ينادي ملكه أحد

لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ... يبقي الإله يودي المال والولد

أين الملوك التي كانت لعزتها ... من كل أوب إليها وافد يفد (١)

وأنشد أيضاً حين أتته خديجة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -:

فإن يك حقاً يا خديجة فاعلمي ... حديثك إيانا فأحمد مرسل

وجبريل يأتيه وميكال معهما ... من الله وحي يشرح الصدر منزل

قال ابن الملقن وغيره: اشتمل هذا الحديث على درر وفوائد:

منها: أن الدراية منه - صلى الله عليه وسلم - لا بسبب، لأنه - صلى الله عليه وسلم - جبل على الخير ابتداء من غير أن يكون معه من يحضره عليه، فحبب إليه الخلوة لأنها عبادة.

ومنها: أن التبتل الكلي والانقطاع الدائم ليس من السنة، فإنه عليه الصلاة والسلام لم ينقطع بالكلية بل في شهر رمضان، ثم يرجع إلى أهله.

ومنها: أن العبادة لا تكون على إعطاء الحقوق الواجبة وتوقيتها، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرجع إلى أهله لإعطاء حقهم، فكذا غيره من الحقوق.

ومنها: أن الرجل إذا كان صالحاً لنفسه تابعاً للسنة، يرجو أن الله يؤنسه الله بالمرائي الحميدة، إذا كان في زمان مخالفة وبدع.

ومنها: أن البداية ليست كالنهاية لأنه - صلى الله عليه وسلم - أول ما بدئ في نبوته بالرؤيا ثم ترقى حتى جاءه الملك يقظة، ثم ما زال في الترقي حتى كان قاب قوسين أو أدني كذلك الاتباع يترقون في مقام الولايات ما عدا مقام النبوة حتى ينتهوا إلى مقام المعرفة والرضا فمن نال مقاماً فدام عليه بأدبه ترقى إلى ماهو أعلى منه، ويشهد لذلك ما حكي عن بعضهم أنه ما زال في الترقي حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فنودي: هنا سُري بذات محمد السنية حيث سَرى سيرك، ولا يصل ولي أن يعرج بروحه وجسده في حال اليقظة إلى السماء، ومن ادعي ذلك فهو زنديق كافر يقتل.

ومنها: أن فيه دليلاً على أن المربي أفضل من غيره.

ومنها: أنه يدل على أن الأولى بأهل البداية الخلوة والاعتزال، ويدل على أن


(١) أورد هذه الأبيات لورقة الكلاعي في الإكتفاء (١/١٩٤) ، والسهيلي في الروض الأنف (١/٣٣٠) ، والحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (٢/٢٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>