للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«أن توفى وفتر الوحي» أي: احتبس بعد تتابعه في النزول، وسنذكره في المجلس الآتي ببيان مدة الفترة.

فائدة: قال الكرماني: فإن قلت: ما قولك في ورقة أيحكم بإيمانه؟

قلت: لا شك أنه كان مؤمناً بعيسى، وأما الإيمان بنبينا - صلى الله عليه وسلم - فلم يعلم أن دين عيسى قد نسخ عند وفاته أم لا، ولئن ثبت أنه كان منسوخاً في ذلك الوقت فالأصح أن الإيمان التصديق، وقد صدقه من غير أن يذكر ما ينافيه والله اعلم.

وقال البرماوي: علم من هذا أي: من قوله: «يا ليتني فيها جذعاً» إلى قوله: «وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً» أن ورقة آمن، لتصديقه رساله بنبينا - صلى الله عليه وسلم - بل يكون بذلك أول من أسلم من الرجال كما قاله البلقيني، خلافاً لما قاله العراقي في سيرته من أنه ثاني من أسلم حيث قال:

فهو الذي آمن بعد ثانياً ... وكان براً صادقاً مواتياً

ومنع بعضهم من إيمانه وقال: إنه أدرك نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا رسالته، وهذا مردود في كتب السير من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حضر عنده قال له: أبشر فأنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم، وأنك على مثل موسى، وأنك نبي مرسل وأنك ستؤمر بالجهاد وإن أدرك ذلك لأجاهدن معك.

فإن هذا يدل على إيمانه بعد رسالته، ويدل عليه أيضاً ما في المستدرك الحاكم «لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين» (١) .

وفي حديث آخر «رأيته وعليه حلة خضراء يدخل في الجنة» (٢) .

وكان يذكر الله في شعره في الجاهلية ويسبحه، ومن قوله كما قاله الجوزي رحمه لله تعالى:


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٢/٦٦٦، رقم ٤٢١١) عن عائشة، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وأخرجه أيضاً: الديلمي في الفردوس (٥/١٣، رقم ٧٢٩٧) .
وأخرجه البزار كما في مجمع الزوائد (٩/٤١٦) قال الهيثمي: رواه البزار متصلا ومرسلا وزاد في المرسل: «كان بين أخي ورقة وبين رجل كلام فوقع الرجل في ورقة ليغضبه ... » والباقي بنحوه ورجال المسند والمرسل رجال الصحيح.
وأورده الحافظ في فتح الباري (٨/٧٢٠) وسكت عنه.
(٢) لم نقف على هذه الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>