للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تسع عشر غزوة، وكانت وفاته بعد أن عمي بالمدينة سنة ثلاث، وقيل: ثمان وسبعين وهو ابن أربع وتسعين سنة، وكان أبيض الرأس واللحية يصفرهما بالورس، وكان يحفي شاربه، ويؤم قومه وهو آخر الصحابة موتاً بالمدينة.

«قال: أي: جابر بن عبد الله وهو يحدث عن فترة الوحي» جملة حالية من ضمير جابر أي: قال جابر في حالة التحديث عن فترة الوحي.

قال العلماء رضي الله عنهم: فترة الوحي هي عبارة عن تأخر نزول القرآن عليه عليه الصلاة والسلام مدة من الزمان، واختلف في مدة الفترة، فقال السهيلي كانت سنتين ونصف كما جاء في حديث مسند.

وأفاد شيخ الإسلام ابن حجر أنه وقع في تاريخ أحمد بن حنبل عن الشعبي أن مدة فترة الوحي كان ثلاث سنين، وبه جزم بن إسحاق وقال: ليس المراد بفترة الوحي المقدر بثلاث سنين عدم مجيىء جبريل، بل المراد بها عدم نزول القرآن عليه فيها فقط.

وأما جبريل فإنه كان يتراءى له في هذه المدة كما ذكره البخاري في التعبير (١) عن معمر أنه قال وفترة الوحي فترة حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا غدا منه مراراً كي يتردى رؤس الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه يتراءى له جبريل - عليه السلام - فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه، حتى يرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل جعل يتراءى له جبريل فقال له مثل ذلك.

وفي آخر هذا الصحيح أيضاً أنه -عليه الصلاة والسلام- حين فتر الوحي كان يأتي شواهق الجبال أي: أعاليها يهم بأن يلقي نفسه فكان جبريل يتراءى له بين السماء والأرض فيقول له: يا محمد أنت رسول الله (٢) .

وإنما فتر الوحي وانقطع نزول القرآن عليه هذه المدة بعد تتابعه في النزول عليه ليذهب ما حصل له - صلى الله عليه وسلم - من الخوف والفزع عند نزول جبريل عليه بالقرآن، كما أشار لذلك البخاري وهو في غار حراء ويتشوق إلى عود الوحي إليه ثم بعد مضى مدة الفترة نزل عليه جبريل بالقرآن كما أشار إلى ذلك البخاري بقوله: فقال أي: جابر بن عبد الله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء فرفعت


(١) انظر صحيح البخاري (٦/٢٥٦١، رقم ٦٥٨١) كتاب التعبير باب: أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة.
(٢) انظر الموضع السابق من صحيح البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>