أو اكتفى بالشفتين وحذف اللسان لوضوحه لأنه الأصل في النطق إذ الأصل حركة الفم، وكل من الحركتين ناشئ عن ذلك، وقد مضى أن في رواية جرير «يحرك به لسانه وشفتيه» فجمع بينهما. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابتداء الأمر إذا لقن القرآن نازع جبريل القراءة، ولم يصبر حتى يتمها مسارعة إلى الحفظ لئلا ينفلت منه شيء، قاله الحسن وغيره. ووقع في رواية للترمذي: «يحرك به لسانه يريد أن يحفظه» ، وللنسائي: «يعجل بقراءته ليحفظه» ، ولابن أبي حاتم «يتلقى أوله، ويحرك به شفتيه خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره» ، وفي رواية الطبري عن الشعبي «عجل يتكلم به من حبه إياه» وكلا الأمرين مراد، ولا تنافي بين محبته إياه والشدة التي تلحقه في ذلك، فأمر بأن ينصت حتى يقضى إليه وحيه، ووعد بأنه آمن من تفلته منه بالنسيان أو غيره، ونحوه قوله تعالى: ?وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ? [طه: ١١٤] أي: بالقراءة. (٢) قال ابن حجر في الفتح (١/٨٥) : قوله: «جمعه لك صدرك» كذا في أكثر الروايات وفيه إسناد الجمع إلى الصدر بالمجاز، كقوله: أنبت الربيع البقل، أي: أنبت الله في الربيع البقل، واللام في «لك» للتبيين أو للتعليل. وفي رواية كريمة والحموي «جمعه لك في صدرك» وهو توضيح للأول، وهذا من تفسير ابن عباس. وقال في تفسير «فاتبع» أي: فاستمع وأنصت، وفي تفسير «بيانه» أي: علينا أن تقرأه. ويحتمل أن يراد بالبيان بيان مجملاته وتوضيح مشكلاته، فيستدل به على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب كما هو الصحيح في الأصول.