للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ، فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإيمان قَالَ رُدُّوهُمْ عَلَىَّ، وَقَالَ إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ. رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيُونُسُ وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ.

قوله: «حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان بن حرب أخبره» .

قال العلماء: أبو سفيان بن حرب هو أبو معاوية وأخوه واسمه صخر بن حرب وهو قرشي أموي مكي، وكما يكنى بأبي سفيان يكنى بأبي حنظلة أيضاً، ولد قبل الفيل بعشر سنين، وأسلم ليلة فتح مكة، وكان شيخ مكة حينئذ ورئيس قريش، وشهد مع الله - صلى الله عليه وسلم - حنيناً وفتح الطائف وأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - من غنائم حنين مائة من الأبل وأربعين أوقية، وفقئت عينه الواحدة يوم الطائف والأخرى يوم اليرموك تحت رآية يزيد قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ذهبت عينه وهي في يده: «أيهما أحب اليك عين في الجنة، وأدعو الله أن يردها عليك، قال: بل في الجنة» (١) ولو طلب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يردها لردها.

فإنه كان من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - إبراء المريض فقد ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - رد عين قتادة بن النعمان يوم أحد بعدما ما وقعت جبينه وكانت أحسن عينيه (٢) .

وتفل في عين علي - رضي الله عنه - يوم خيبر فشفيت.

هذا الذي رد عيناً بعد ما قلعت ... وريقة قد شفا عين الإمام علي

وقطع أبو جهل يد معوذ بن عفراء، وجاء يده فبصق عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) ذكر ابن عبد البر في الإستيعاب (٤/١٦٨٠) في ترجمة أبي سفيان مسألة فقء عينه ولم يذكر الحديث الذي أورده المصنف هاهنا.
(٢) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (١/١٨٧) عن زيد بن أسلم وغيره كذا قال.
وأورده ابن عبد البر الإستيعاب (٣/١٢٧٥) من رواية عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن جابر بن عبد الله قال أصيبت عين قتادة بن النعمان يوم أحد وكان قريب عهد بعرس فأتى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأخذها بيده فردها فكانت أحسن عينيه وأحدهما نظراً.
ورواه الطبري في التاريخ (٢/٦٦) عن محمد بن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ... به. وانظر: السيرة لاين هشام (٤/٣١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>