للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«أن هرقل» : هذا هو ملك الروم، و «هرقل» اسمه بكسر الهاء وفتح الراء كدمشق، ويقال: «هرقل» بإسكان الراء وكسر القاف، والهرقل بلغتهم وهو لا ينصرف للعلمية والعجمية وهو صاحب حروب الشام.

أقام في الملك إحدى وثلاثين سنة وفي ملكه مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولقبه قيصر، وكذا كل من ملك الروم يقال له قيصر، ومن ملك الفرس يقال له: كسرى، وكل من ملك الترك يقال له: خاقان، وكل من ملك الحبشة يقال له: النجاشي، وكل من ملك مصر يقال له: العزيز، وكل من ملك حمير يقال له: تبع.

واما قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده» (١) فالمراد منه: أنه لا قيصر بعده بالشام ولا كسرى بعده بالعراق، بل يكونان في غير هذين الأقليمين قاله إمامنا الشافعي في المختصر.

ومعنى قيصر: «البقير» ، ولقب بذلك لأن أمة لما أتاها الطلق به ماتت وبقي يضطرب في جوفها فبقر بطنها أي: شق فخرج حياً وكان يفخر بذلك لأنه لم يخرج من فرج، وكان شجاعاً جباراً مقداماً في الحروب وهو أول من ضرب الدنانير وأحدث البيعة.

وسئل الشافعي عنه هل يقال هرقل أم قيصر؟ فقال: هرقل هو وقيصر الأول علم له والثاني لقباً، كما يقال على أمير المؤمنين.

«أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش وكانوا تجاراً بالشام» قال ابن عسار: الشام مهموز، ويجوز تخفيفه، وفي لغة يجوز فيقال: شأم بفتح السين والمد وهو مذكر وجوز ثأنيثه، وحد الشام طولاً من العريش إلى الفرات، وقيل: إلى بالس ورجحه ابن حبان في صحيحه فقال: أول الشام بالس، وآخره العريش (٢) ، وعرضاً من جبل طيء من نحو القبلة إلى بحر الروم، وما سامت ذلك من البلاد وهو ديار الأنبياء، وقدمنا ان نبينا - صلى الله عليه وسلم - دخل أرض الشام أربع مرات مرتين قبل النبوة ومرتين بعدها، ودخله عشرة آلاف صحابي.


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري (٣/١٣٢٥، رقم ٣٤٢٢) ، ومسلم في صحيحه (٤/٢٢٣٦، رقم ٢٩١٨) من حديث أبي هريرة.
(٢) قاله ابن حبان في الصحيح (١٦/٢٩٤) عقب حديث (رقم ٧٣٠٥) عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ستخرج عليكم نار في آخر الزمان من حضرموت تحشر الناس» قال: قلنا بما تأمرنا يا رسول الله قال: «عليكم بالشام» قال أبو حاتم: أول الشام بالس وآخره عريش مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>