وذكر السهيلي عن ابن عبد السلام في قوله تعالى ?أَوْ لَهُواً انفَضُّوا إِلَيْهَا? [الجمعة: ١١] قال: كان اللهو ونظرهم إلى وجه دحية لجماله.
وروي أنه كان إذا قدم الشام لم تبق امرأة مخدرة إلا خرجت تنظر إليه، أسلم قديماً ولم يشهد بدراً وشهد المشاهد بعدها، وبقي إلى خلافة معاوية وسكن «المزة» قرية بقرب دمشق.
«فأخذ هرقل الكتاب فقرأه فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله» إنما قال: عبد الله تعريضاً ببطلان ما تقوله النصارى من أن المسيح هو ابن الله، لأن حكم الرسل كلهم واحد في كونهم عباد الله، وقال: عبد الله ورسوله ولم يعكس من باب الترقي.
«إلى هرقل عظيم الروم» إنما قال - صلى الله عليه وسلم - عظيم الروم، ولم يقل ملك الروم لأنه معزول عن الملك بحكم دين الإسلام، ولا سلطنة لأحد إلا من قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن لم يُخْلِه - صلى الله عليه وسلم - من نوع الإكرام في المخاطبة، ليكون أخذ بأدب الدين في تليين القول لمن يدعوه إلى دين الحق، فلهذا قال: عظيم الروم، أي: الذي تعظمه الروم ولم يقل إلى هرقل فقط وقد أمر الله بتليين القول لمن يدعى إلى الإسلام فقال ?ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ? [الإسراء: ١٢٥] .
«سلام على من اتبع الهدى» لم يقل - صلى الله عليه وسلم -: سلام عليك، إذ الكافر لا سلام عليه دون لأنه مخزي في الدنيا بالحرب والقتل والسبي، وفي الآخرة معذب بالعذاب الأبدي، وفيه إشعار بأنه إذا اتبع الهدى كان من أهل السلامة.
فائدة: قال العلماء: لا يجوز للمسلم أن يسلم على الكافر لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهي عن ذلك بقوله «لا تبدأو اليهود والنصارى بالسلام»(١) .
وليس المراد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «على من اتبع الهدى» التحية بل معناه: سلم من
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٤/١٧٠٧، رقم ٢١٦٧) ، والبخاري في الأدب المفرد (ص ٣٨٠، رقم ١١١١) ، والترمذي في سنن الترمذي (٤/١٥٤، رقم ١٦٠٢) ، وأحمد في مسنده (٢/٢٦٦، رقم ٧٦٠٦) جميعاً عن أبي هريرة.