للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عذاب الله لمن أسلم، فلو سلم على من لم يعرفه فبان ذمياً أُستحب أن يسترد سلامة بأن يقول: استرجعت بسلامي تحقيراً له، نعم يجوز للمسلم أن يحيي الذمي بغير السلام بأن يقول: هداك الله أو أنعم الله صباحك، ولو سلم الذمي على المسلم وجب أن يرد عليه ولم يزد في الرد على قوله وعليك لخبر الصحيحين «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» (١) ، وفي هذا الصحيح «إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليكم فقولوا وعليك» (٢) .

«أما بعد» يجوز في دال أما بعد أربعة أوجه الضم والفتح والرفع مع التنوين والنصب معه أيضاً، واختلف العلماء في أول من نطق بها على أقوال: فقيل: داود، وقيل: قس بن ساعده، وقيل: كعب بن لؤي، وقيل: يعرب بن قحطان، وقيل: سحبان، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولها في خطبة وشبهها روى ذلك عنه عدة من الصحابة.

«فأنا أدعوك بدعائه الإسلام» أو بدعوة الإسلام، أي: آمرك بكلمة التوحيد وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله التي يدعى إليها الأمم.

وفي هذا الصحيح في الجهاد: «أدعوك بدعاية الإسلام» أي: بالكلمة الداعية إلى الإسلام «أسلم تسلم» أي: إن أسلمت تبق سالماً وهذا من محاسن الكلام وبليغة وإيجازه واختصاره، وفيه نوع من البديع وهو الجناس فهو كقوله تعالى ?وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ? [النمل: ٤٤] .

«يؤتك الله أجرك مرتين» جواب ثاني للأمر إن أسلمت تسلم يؤتك الله أجرك مرتين عند الإسلام، كونه كان مؤمناً بعيسى ثم آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال البرماوي آخر كتاب النكاح: «فائدة: قال العلماء: في قوله - صلى الله عليه وسلم - في كتابه الذي كتبه إلى قيصر: «أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين» هذا يدل على أن قيصر كان على دين عيسى - عليه السلام - حين كان حقاً قبل التبديل والنسخ، وإلا فلم يكن له أجره مرتين لو أسلم» .

ويدل على أنه وأصحابه أهل كتاب لأنه خاطبه بيأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ويحتمل أنه يكون تضعيف الأجر له مرتين من جهة إسلامه ومن


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه (٥/٢٣٠٩، رقم ٥٩٠٣) ، ومسلم (٤/١٧٠٥، رقم ٢١٦٣) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: صحيح البخاري (٥/٢٣٠٩، رقم ٥٩٠٢) رواه البخاري عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>