للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جهة أن إسلامه يكون سبباً لدخول اتباعه في دين الإسلام.

ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فإن توليت» أي: أعرضت عن الإسلام «فإن عليك إثم الأَرِيسِيِّينَ» أي: الأكارين وهم الفلاحون، وأرد - صلى الله عليه وسلم - أن عليك إثم جميع رعاياك الذين يتبعونك وينقادون لأمرك، وإنما اقتصر على الزارعين منهم لأنهم كانوا هم الأغلب فيهم، لأنهم أسرع في الانقياد، فإذا أسلم أسلموا وإذا امتنع امتنعوا، حذره - صلى الله عليه وسلم - إذا كان رئيساً متبوعاً مسموعاً أن يكون عليه إثم الكفر وإثم من عمله، قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل سيئة كان له إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة» (١)

وتقديم لفظ عليك على اسم أن مفيد للحصر أي: ليس أثمه إلا عليك.

قال شمس الأئمة الكرماني: فإن قلت: فكيف يكون إثم غيره عليه وقال تعالى ?وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى? [الزمر: ٧] قلت: المراد إثم الإضلال عليه والإضلال أيضاً كالضلال على أنه معارض لقوله تعالى ?وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ? [العنكبوت: ١٣] .

قال ابن حجر: وفي الكلام حذف دل المعنى عليه وهو فإن عليك مع إثمك إثم الأَرِيسِيِّينَ لأنه إذا كان إثم الأتباع عليه بسبب أنهم تبعوه على استمرار الكفر، فلأن يكون عليه إثم نفسه.

ثم قال - صلى الله عليه وسلم - ?يَا أَهْلَ الكِتَابِ? وهو عطف على بسم الله الرحمن الرحيم ?تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ? [آل عمران: ٦٤] .

والحكمة في تخصيص هذه الآية بالإرسال إلى هرقل دون غيرها من الآي أنه نصراني، والنصارى جمعت هذه الأمور الثلاثة عبدوا غير الله وهو عيسى، وأشركوا بالله فقالوا إنه ثالث ثلاثة، واتخذوا الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله، قال الله تعالى ?اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ? [التوبة: ٣١] .

قال أبو سفيان «فلما قال» يعني هرقل «ما قال» أي: من الأسئلة والأجوبة


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٤/٢٠٥٩، رقم ١٠١٧) عن جري بطرف: «من سن سنة ... » .
وأخرجه أيضاً: الترمذي (٥/٤٣، رقم ٢٦٧٥) ، والنسائي في سننه (٥/٧٥، رقم ٢٥٥٤) ، وابن ماجه (١/٧٤، رقم ٢٠٣) ، وأحمد في مسنده (٤/٣٦١، رقم ١٩٢٢٣) ، والدارمي في سننه (١/١٤١، رقم ٥١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>