«اذهبوا به» أي: بالرجل المخبر «فانظروا أمختتن أو لا» أي: أمختونا هو أم لا «فنظروا إليه فحدثوه انه مختتن» .
قال الكرماني: وهذا صحيح وصريح في أن العرب قبل البعثة كانوا يختتون.
«وسأله عن العرب فقال: هم يختتون فقال هرقل هذا ملك هذه الأمة» أي: ملك أهل العرب قد ظهر، «ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية» ويجوز فيها تخفيف الياء وتشديدها كما ضبطه الكرماني بذلك؟
وقال ابن الملقن: رومية بضم الراء تخفيف الياء مدينة معروفة بالروم وكانت مدينة رياستهم، ويقال: إن روماس بناها.
قال البلقيني (١) : اسم صاحبه برومية ضغاطر الأسقف الرومي، وقيل: بقاطر آمن برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقتل بين يدي هرقل أي: كتب إليه من بيت المقدس يسأله عن هذا الأمر «وكان نظيره في العلم وسار هرقل إلى حمص فلم يرم حمص» يفارقها حتى «أتاه كتاب من صاحبه» أي: الذي برومية «يوافق رأي هرقل على خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه نبي» .
قال شيخ الاسلام ابن حجر: هذا يدل على أن هرقل وصاحبه أقرا بنبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لكن هرقل لم يستمر على ذلك بخلاف صاحبه، «فأذن حينئذ هرقل لعظيم الروم في دَسْكَرَةٍ له بحمص» والدسكرة بفتح الدال والكاف والراء وسكون السين بينهما بناء كالقصر حواليه بيوت ومنازل للخدم والحشم، والمعنى: أذن هرقل لعظماء الروم في دخول الدسكره، وكانه دخل القصر ثم أغلقه وفتح أبواب البيوت التي حوله، وأذن للروم في دخولها ثم أغلقها بعد دخولهم ثم أطلع عليهم كما صرح بذلك بقوله «ثم أمر بأبوابها فغلقت ثم أطلع» أي: خرج من حرمه وظهر للناس «فقال يا معشر الروم هل لكم في الفلاح» أي: في الفوز «والنجاة والرشد» أي: الخير «أن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي» هكذا أكثر الأصول في البيعة، وفي بعضها «فتتابعوا» من المتابعة، وهو الاقتداء «فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ» أي: نفروا حين سمعوا منه هذا الكلام وكروا راجعين نفرة الوحوش، وشبههم بالحمر دون غيرها من الوحوش لمناسبة الجهل، وعدم الفطنة بل هم أضلوا حتى وصلوا إلى الأبواب فوجدها قد غلقت «فلما رأى» أي: هرقل «وأيس من الإيمان» أي: إيمانهم لما أظهروه، وايمانه أنه كان شح بنفسه بملكه، وكان يحسب أن يطيعوه فيستمر ملكه «قال: ردوهم علي فقال: إني قلت مقالتي الساعة» ويجوز فيه المد وهو الأكثر الأشهر ويجوز القصر «اختبر بها شدتكم
(١) البلقيني هو: صالح بن عمر بن رسلان البلقيني الشافعي شيخ الاسلام، مولده سنة: ٧٩١ هـ، قاض، من العلماء بالحديث والفقه، مصري، تفقه بأخيه عبد الرحمن بالقاهرة، وناب عنه في الحكم، ثم تصدر للافتاء والتدريس بعد موته سنة ٨٢٤ هـ، وولي قضاء الديار المصرية سنة من سنة ٨٢٥ إلى ٨٢٧، وعزل وأعيد ست مرات، وتوفي وهو على القضاء، من كتبه: ديوان خطب، والغيث الجاري على صحيح البخاري، والجوهر الفرد فيما يخالف فيه الحر العبد، وهي رسالة، وتتمة التدريب، أكمل به كتاب أبيه، والتجرد والاهتمام بجمع فتاوي الوالد شيخ الإسلام، والتذكرة، والقول المقبول فيما يدعى فيه بالمجهول، توفي بالقاهرة سنة: ٨٦٨ هـ.